يعيش لبنان في إعصار سياسي متجدد، إذ لا تكاد تتوافق الأطراف السياسية اللبنانية حتى تعود وتنقسم من جديد حول ملف سياسي ما، وحتى هذه اللحظة يهيمن ملف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حول اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري على الملفات الأخرى، إلا أن ملفات أخرى ظهرت وبدأ أصحابها يرفعون شعاراتهم بحثا عن الحقيقة. وفي هذا الإطار، أكد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل في حوار مع «عكاظ» أن لبنان في العناية الفائقة منذ سنوات، وما يحصل اليوم هو حلقة من سلسلة أحداث، هدفها تعطيل المؤسسات وتغيير النظام اللبناني، معتبرا أن هناك قوى تسعى إلى دفع البلاد إلى مزيد من التعطيل، وهي نفسها التي تعطل مجلس النواب والحكومة والقضاء. وجدد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل تمسكه بالمحكمة الدولية لإحقاق العدالة، مؤكدا معارضته لتسييسها وحرفها عن مسارها. فإلى نص الحوار: • ما قراءتك للأوضاع على الساحة اللبنانية؟ يعيش لبنان حالة عدم الاستقرار وفقدان نقطة الارتكاز، فهناك قوى تسعى منذ عقود من الزمن إلى دفع لبنان لاتخاذ خيارات تتناقض مع المسلمات التي توافقنا حولها منذ مرحلة الاستقلال وحتى اليوم. لنفترض جدلا أن يتمكن الفريق الذي يعارض المحكمة الدولية من الوصول إلى مآربه ويعطل المحكمة، فهل يعني ذلك أن المشكلة انتهت في لبنان وكل شيء عاد إلى طبيعته؟، أم أن ذلك يكون انتصارا للمزيد من المطالب؟. في الواقع أية تسوية كما يطالب بعض الأفرقاء لن تكون إلا حافزا لهم من أجل المزيد من المطالب، وهذا شيء واضح للعين المجردة. • هل ترى أن حزب الله وحلفاءه سيصعدون ميدانيا في المرحلة المقبلة؟ الفريق الآخر لا يتورع عن القيام بأي عمل سلبي، أيا كانت نتائجه، على حساب المصلحة الوطنية ومصالح المواطنين بما يتعلق بمعيشهم وسلامتهم، كما لم يتورع هذا الفريق عن احتلال الوسط الجاري لفترة طويلة، ولم يتورع أيضا عن النزول إلى الشارع في السابع من أيار، ومن ثم تنتهي الأمور، ولا من يحاسب ولا من يسأل، مع كل الخراب والمآسي التي عاشها اللبنانيون. فكأن هذا الفريق قلبه من حجر على البلد وعلى البشر، فما ذنب المواطن البريء عندما احتلت الأسواق التجاربة. • أين تذهب طاولة الحوار اللبناني؟ نحن في كل الأوقات مع الحوار الذي يجمع اللبنانيين. وقد مر لبنان بأحداث مماثلة في حقبات سابقة، وتمكنا من الوصول إلى قواسم مشتركة، ولذلك لن نفقد الأمل. من هنا نصر على الحوار لنصل إلى قواسم مشتركة. • ثمة أطراف لبنانية تشكك في مصداقية المحكمة الدولية، ما هي الأسباب؟ نحن لدينا ثقة بالمحكمة الدولية، فهي محكمة منزهة ودولية بامتياز، وليست معنية بأي نزاع سياسي على الساحة اللبنانية من أي نوع كان، والشك بمصداقية المحكمة سلفا أمر غير منطقي وغير مقبول، بالنسبة لنا سنكون أول أعداء هذه المحكمة إذا انحرفت عن طريق النزاهة والتجرد والكفاءة. بالنسبة لي شخصيا، لن أقبل بأي ثمن أن توجه تهم باغتيال ابني بيار بغير الاتجاه الصحيح، ولن أقبل بتحميل أي أحد مسؤولية الاغتيال إن كان بريئا. كل ما نريده هو الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة. وأنا أذهب أكثر من حزب الله في رفضه تسييس المحكمة وانحرافها عن مسارها القضائي. • ماذا تنتظرون لانفراج الأمور على الساحة السياسية؟ نأمل أن يفضي ما يقوم به الرئيس سعد الحريري من اتصالات إلى حلول، لكن في الوقت ذاته نعرف أن لا أحد يمكن أن ينقذ لبنان، فإذا لم يتعاون اللبنانيون، ماذا سيفعل الخارج الذي لا ينوب عن الداخل فيما يتعلق بتفعيل المبادرات الداخلية.