دعني أخي القارئ الكريم أن أقرر بداية أن الحديث عن إنجازات ومشاريع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ليست محل مقال أو مقالات عبر الصحف بل هي مشاريع أعمال علمية وبحثية لمؤسسات وأجهزة كبرى ولكن الواجب الوطني والتاريخي يقتضي الوقوف عند بعضها بحكم التخصص والاهتمام وإلقاء بعض الإضاءات لفتح الآفاق واستلهام الدور وتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية تجاه معاني ومدلولات هذه المشاريع. وإذا أخذنا الاستثمار في التعليم على سبيل المثال كأحد أهم مشاريع الملك العظيم عبد الله بن عبد العزيز لوجدنا أننا أمام موسوعة من الحديث الذي لا يمكن تغطيته إلا عبر مجلدات ولكنه مرة أخرى وقفة للتاريخ والمشاركة في أدنى الواجبات وهي الكتابة للتذكير والتعليم. إن معنى استثمار بصفة عامة يأتي من المفهوم الاقتصادي لتوظيف الإمكانيات والطاقات والمدخرات في مشروع معين من أجل الحصول على المكاسب والربح لخدمة الوطن. وفي العادة فإن الاستثمار يكون في المعادن والأرض والمادة والبيئة لما فيه من عائد ومردود مباشر لتحقيق الدخل والحياة المناسبة والكريمة للشخص والوطن. أما الإنسان فإنه يعتبر وفق هذا المنطق هو الوسيلة وكذلك الهدف للوصول لهذه الغايات، بل أحيانا يأتي الإنسان في المرتبة الثانية وفق هذا المنظور. وقد تخلل مثل هذه السياسات الاقتصادية الكثير من الفشل حين تكون المدخرات المادية ليست في وضع مستديم أو أنها تتعرض للتغير والصعود والهبوط كأحوال الطقس ومن ثم فإن التوقعات بشأنها تصبح من قبل التعامل مع المجهول، وبناء عليه فقد شهد العالم وحتى على مستوى الأفراد كثيرا من الإحباط والهزات الاقتصاديه للاعتماد الكلي علي ما لا يمكن التنبؤ ببقائه وبثباته وبقيمته. ومن هنا جاء ما يسمى بالاستثمار في البشر (في عقولهم وطاقاته الذهنية) والتعليم هو الأساس في تغذية الروح والعقل ومن هنا جاءت أول دعوة للرسول (صلى الله عليه وسلم) في أول أمر إلهي له بالقراءة وهي مفتاح التعليم والوعي وهو المدخل للاستثمار الحقيقي وعليه اعتمدت الرسالة المحمدية ونجاحاتها في تحقيق أهدافها، والمتابع لكثير من تقدم ونجاحات الأمم والحضارات يجد أن الأساس في ذلك يعود في كثير منه إلى الاستثمار في العقول البشرية وليس أدل على ذلك أكثر من ألمانيا واليابان وكوريا والصين وماليزيا وغيرها ممن اعتمدوا على البعثات والاستثمار في التعليم للوصول إلى ما وصلوا إليه من نهضة وتطور لم يسبق له مثيل. معنى استثمار بصفة عامة يأتي من المفهوم الاقتصادي لتوظيف الإمكانيات والطاقات والمدخرات