لم يظهر الحديث عن حقوق الإنسان إلا في العصر الحديث، وربما اعتقد الكثيرون أن هذه الحقوق بدعة غربية، واكتشاف إنساني يحسب للغربيين، مع أن كل ما قالوه وسطروه، لايمكن أن يضاهي ما عرفناه نحن منذ أربعة عشر قرنا، إلا أننا نتفق مع الغرب في حقيقة لاينكرها إلا مكابر: فلا نحن طبقنا ما عرفناه منذ هذه القرون، ولا هم طبقوا أيضا ما أعلنوه.. فالمشكلة إذن في التطبيق، عندنا وعندهم. ومشكلة التطبيق هذه في اعتقادي هي التي دفعت أولي الأمر في بلادنا إلى تشكيل الهيئة العامة لحقوق الإنسان، فلقد منحنا الله تعالى دستورا أزليا مقدسا، ضمن للإنسان: رجلا أو امرأة، كبيرا أو صغيرا، مسلما أو غير مسلم، جملة من الحقوق التي توفر له حياة كريمة آمنة مطمئنة، فالقرآن الكريم لم يتغير أو يتبدل منذ نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم، لكن البشر هم الذين قد تغيروا، وقصروا في تطبيق هذا الدستور.. والكثيرون منا في المملكة، يمرون مرور الكرام على تلك الآيات التي تكفل للإنسان حقوقا عديدة كحق الحياة، وحرية الرأي، وحرية الكلمة، بل وحرية العقيدة، وتأمر بالعدل والمساواة وعدم التمييز، إلا أن ذلك كله لايتعدى العيون القارئة، أو الآذان السامعة، دون أن يجد ذلك كله طريقه إلى الحياة والواقع، فجاءت الهيئة العامة لحقوق الإنسان في بلادنا لتلعب دورا مهما في مجال تحقيق وتطبيق هذه الحقوق على أرض الواقع، وهي بحاجة إلى مزيد من تعريف المواطنين والمقيمين بمهامها ودورها في الحياة السعودية، وتلك مهمة الإعلام بوسائله المختلفة كما أحسب وأعتقد. فقامت الهيئة كما علمت، بحل كثير من المشكلات المتعلقة بالحقوق الأسرية، كالعنف ضد المرأة أو ضد الأبناء، والمتعلقة كذلك بمشكلات العاملين مع أرباب العمل. لذا فالمهمة الملقاة على عاتق هذه الهيئة ليست بهينة، وخطيرة بحق، وبخاصة في غياب الوعي بحقوق الإنسان بين المواطنين والمقيمين، حتى أن الدراسة التي خرجت لنا كانت بأن 94% من المواطنين لايعرفون قوانين حقوق الإنسان، فمن حق الزوجة أن تلقى معاملة طيبة من زوجها، وللطفل حقوقه المشروعة في الاستمتاع بطفولته وعدم التعامل معه بعنف أو قسوة، وتوفير احتياجاته الضرورية من والديه، ومن حق العامل أن يستوفي أجره من صاحب العمل، بل إن على كل إنسان واجبات هي حقوق الآخرين، ولو أدرك الواحد منا ما عليه من واجبات لوجدنا حلولا كثيرة لمشكلات عديدة تحسب في مجال خروقات حقوق الإنسان. لسنا في حاجة إذن لوصايا الغرب أو أوامره وتوجيهاته، فالغرب ذاته أبعد ما يكون عن التطبيق الفعلي لمبادئ حقوق الإنسان، بخاصة إذا كان هذا الإنسان غير غربي، لأننا نملك دستورا متكاملا من جانب، ولأن تاريخنا الحضاري الإسلامي عبر العصور، يشهد بتطبيق نموذجي لهذه المبادئ، على الرغم من التجاوزات التي شهدها هذا التاريخ في بعض الأحيان، لكنها ليست القاعدة وليست المبرر الذي يدفع البعض لمحاولات فرض الوصاية. أحيي الهيئة العامة لحقوق الإنسان في المملكة لما تقوم به من دور حيوي وفعال في المجتمع، وينتظر منها المزيد، بل واقترح أن يتم التنسيق بينها وبين وزارة التربية والتعليم، لوضع بعض الدروس إن لم تكن مادة كاملة للطلاب، لتعريف أبنائنا بماهية حقوق الإنسان، وكيف أن احترامها والعمل وفقها يعد من صميم الإيمان والإسلام، قبل أن يعد مرضاة للدول الكبرى، فطاعة الله تعالى أوجب وأولى.. والله المستعان. [email protected] 489 WORDS !!Article.extended.picture_caption!! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة