دعا إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين إلى العدل وعدم الظلم واحترام المرأة، مؤكدا أن شريعة الإسلام بنيت على العدل والقسط والإنصاف والعدل مع النفس والزوجات والأولاد والأصدقاء والأعداء، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالعدل ونهى عن الظلم في كتابه العزيز في أكثر من 350 آية. وقال الشيخ الشريم في خطبة الجمعة أمس: «العدل هو ميزان الأرض حتى مع الخصوم، مسلمين كانوا أم غير مسلمين»، مشيرا إلى أن مرحلة الفتوح الإسلامية عبر التاريخ امتازت بسلوك العدل وقيمته السامية في جيوش المسلمين، فكانوا يفتحون البلاد تلو البلاد، لم ينهبوا فيها مالا ولم يقتلوا فيها شيخا ولا امرأة ولا طفلا، فكانت تلك الفتوحات دعوة لله عز وجل، وإعلاء لكلمته ممزوجة بالرحمة والعدل». وذكر إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين بالحالة التي كانت سائدة قبل الإسلام، وقال: «لقد كان الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم في جاهلية جهلاء وفتن وشر، ظلم وقهر وقتل ونهب، القوي فيها يقهر الضعيف، وغش في المكاييل والموازين واحتقار للمرأة حتى وأدت حية فقتلت وسيسألها ربها بأي ذنب قتلت، لم يكن للمرأة قيمة في الجاهلية إلا في السقي والاحتطاب وإبراد غلة الشهوة، فكان أن سلط الله بعضهم على بعض فأهلكتهم الحروب وتوالت عليهم الفتن والنكبات، حتى بعث الله رسوله بالهدى ودين الحق فدعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فأقر التوحيد الخالص ونهى عن الشرك بالله ومنع الظلم والبطش والعدوان، وأكرم المرأة المسلمة أيما إكرام وجعل النساء شقائق الرجال، وقال مؤكدا «استوصوا بالنساء خيرا» وأبطل فوارق الجاهلية، أمرهم بالتعارف لا التنافر وبالتناصر لا التخاذل وجعل الميزان هو تقوى الله سبحانه وتعالى. وأكد الشيخ الشريم «بهذه الدعوة دخل الناس في دين الله أفواجا وتزوج الفقير من الغني والشريف من الوضيع وكان الإسلام مؤلفا بين القلوب جامعا للناس ومعزا لهم وناصرا لهم»، وزاد «إنها وحدة إسلامية، الوحدة التي جمعتهم على إله واحد ورسول واحد وكتاب واحد حتى صارت أمة الإسلام كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، ولم تكن هذه الوحدة يوما ما مبنية على اللغة؛ لأن اللغة وحدها قد يتجاذبها كافر ومسلم ولم تكن يوما ما قائمة على الإقليمية والجنس، فالإسلام لا يقيم للجنس وزنا لأن الناس كلهم لآدم وآدم من تراب، وإنما قامت هذه الوحدة على أساس عقيدة الإيمان التي أرادها الله للبشر عامة فصارت معايير الوحدة في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم في توحيد الخالق سبحانه، وفي وحدة الدين، ووحدة الكتاب، ووحدة القبلة». وبين إمام المسجد الحرام «أنه لا مناص لمسلمين من دين الرحمة والتراحم، دين السلام والوحدة والأمان، دين العدل والقسط والإنصاف ولا يكون ذلكم إلا بالرجوع إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والدعوة إليهما بكل صدق وثبات، وما موسم الحج المنصرم إلا شعلة لإذكاء هذه الغاية والعض عليها بالنواجذ»، وقال: «الأمة الإسلامية لن ترتقي بنفسها إلا بالإسلام ولن يكتمل إسلامها إلا بوحدتها ولن يتحقق نصرها إلا باجتماعها». وفي المدينةالمنورة، أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد المحسن القاسم في خطبة جمعة أمس، أن الله سبحانه وتعالى تفضل على خلقه بتنوع العبادات منها ما هو باطن في القلب ومنها ما هو ظاهر على الجوارح، وأركان الإسلام والإيمان مدارها على ذلك، مشيرا إلى أن الحجيج عادوا من بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة بعد أداء أطول عبادة بدنية حيث تظهر في الحج عظمة الإسلام في توحيد الشعوب على الحق وجمعهم على كلمة الإسلام، يقصدون مكانا واحدا ويدعون ربا واحدا ويتبعون نبيا واحدا ويتلون كتابا واحدا، فيه تزول فوارق زخرف الدنيا ويظهر الخلق سواسية لا تمايز بينهم في المظهر، فالجميع في لباس كلباس الأكفان، وقال: «إن الله سبحانه وتعالى وعد بحفظ هذا الدين، ومع تطاول الزمان وتقلب الأحوال ووجود الكثير من الحروب والفتن والفقر والرخاء إلا أن هذا الدين بقي ناصعا تاما مبينا كأن الوحي نزل اليوم، فيلبسون ما لبس النبي صلى الله عليه وسلم من إزار ورداء ويلبون بتلبيته ويرمون كما رمى ويطوفون بالبيت كما طاف». ومضى الشيخ القاسم قائلا: «إن الوفاء من شيم الرجال والنبي محمد صلى الله عليه وسلم صبر على الأذى والكروب لتنعم أمته بالهداية، كما أن الصحابة رضي الله عنهم هجروا الأوطان وتغربوا في البلدان لحمل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغها بعزم وأمانة ونشر الإسلام في الآفاق بالدعوة والقدوة، مشددا «من الواجب على المسلم أداء حقوق النبي صلى الله عليه وسلم لما قدمه لهذا الدين من محبته عليه الصلاة والسلام والتأسي به والوفاء لصحابته رضي الله عنهم بمحبتهم والترضي عنهم والذود عنهم». وأكد إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبته أن الإخلاص لله في كل عمل شرط لقبوله، والله غني عزيز لا يقبل عملا لم يرد به وجهه، مشيرا إلى أن من أدخل في عبادته رياء أو سمعة أو ابتغى مدح الناس له لم تقبل منه عبادته ولن يكون له منها سوى التعب والنصب، ومن أخلص لله تقبل الله عمله وضاعف أجره، ومن اقتفى أثر النبي صلى الله عليه وسلم في حجه حري به التأسي به في شأنه كله وذلك سبيل الظفر والفلاح. وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أنه إذا عمل المسلم عملا صالحا وجب عليه حفظه بالحذر من الوقوع بالشرك إذ هو يحبط الحسنات، مضيفا «أن سؤال الله قبول العمل الصالح من صدق الإيمان، والثبات على الدين من عزائم الأمور، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «ثبت قلوبنا على دينك»، ومن لبى في حجه بالتوحيد وكبره في العيد وجب عليه الوفاء بوعده مع الله وذلك بألا يدعو سواه ولا يلجأ إلى غيره ولا يطوف بغير الكعبة». وبين الشيخ القاسم «أنه ليس من شرط صحة الحج زيارة المدينةالمنورة بل قصد مسجدها سنة رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم للحاج وغيره بالصلاة فيه فهو أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، وصلاة فيه عن ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، ومن وصل إلى المدينة شرع له السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما شرع له زيارة مسجد قباء ويشرع له زيارة مقبرة البقيع وشهداء أحد للدعاء لهم وللعظة والعبرة بتذكر الآخرة».