لعبة «كاميرا مكة الشهيرة» ولمن لا يتذكر تلك اللعبة فهي صندوق صغير أكبر من علبة الكبريت بقليل، يطغى عليها غالبا اللون الأخضر أو الأحمر أو الأزرق يحوي قرصا متحركا فيه ثماني صور لمعالم شهيرة من المشاعر المقدسة. كانت واحدة من أشهر هدايا الحج للأطفال داخل المملكة وخارجها في مرحلة السبعينيات والثمانينيات الميلادية، ما زالت تعيش هذه الهدية المتواضعة في ذاكرة الحاج رغم التطور التكنولوجي الكبير والنقل التلفزيوني الذي مكن الكبار والصغار من متابعة الحج ثانية بثانية. إلا أن الماضي له حنين حتى لدى الصغار الذين لم يعيشوه بل توارثوا قصصه. تلك اللعبة جعلت الحاجة سيتي جامي ذات ال 36 ربيعا القادمة من جزيرة الألف مئذنة في أقصى الشرق الإندونيسي «لومبوك»، تتنقل من مكان إلى آخر وبعدة لغات بين البائعات المنتشرات على أرصفة منى، ومن لم تفهم منهن تستخدم معها الإشارة والرسم لتوضيح مقصدها، لعلها تجدها لتظفر بها هدية لطفلها القابع في أحضان والده فهي تعمل خادمة في جنوب السعودية في بيشة، حالفها الحظ بأداء الحج هذا العام ضمن قافلة متخصصة في حج الخادمات والعمالة المنزلية في أداء رحلة العمر. تقول سيتى إنها تبحث عن هذه الهدية بالذات كونها تحمل في ذاكرتها الشيء الكثير، مضيفة، إن والدها عندما حج قبل 30 عاما قدمها لها هدية، فرسخت في داخلها مناظر المشاعر المقدسة ومكةالمكرمة، وهي تحاول شراءها لتعيد ذكرى الهدية التي أهديت لها وهي طفلة من والدها إلى ابنها ذي الأعوام الستة، ولتعيش معه للحظات ذلك الزمن. تصمت برهة وتواصل حديثها قائلة «الهدية في حال حصولي عليها سوف يتأخر تسليمها إلى ابني ما يقارب أربعة أشهر، وهو موعد مغادرتي للمملكة في إجازة، لذا سوف احتفظ بها لكي استمتع بها مع ابني في تقليب الصور داخل هذا الصندوق الصغير الذي ما زال يرتبط بداخلنا الشيء الكثير». وتعود بصوت أكثر وضوحا «أول ما قدمت إلى المملكة قبل عامين وأنا أزور المدينةومكة كأنني مساء البارحة أقلب في ذلك الصندوق وليس قبل عشرات السنين». وعادت موجهة السؤال لنا لماذا اختفت مثل هذه الهدايا؟ لماذا لم نجدها؟