فيما يستعد نحو 2.3 مليون حاج للعودة إلى بلدانهم، بعد ان أدوا المناسك في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، إضافة إلى زيارة المدينةالمنورة، قبل الحج أو بعده، فان ذويهم في مناطقهم يترقبون عودتهم سالمين من هذه الرحلة المقدسة، محملين بالهدايا. وإذا كانت مصادر تجارية سعودية قدرت إجمالي حجم هدايا الحجاج بنحو ستة بلايين ريال، توزعت بين مكةالمكرمةوجدةوالمدينةالمنورة، وجزء منها في الطائف، فان ذويهم لا يأبهون غالباً، بقيمتها المادية، بمقدار قيمتهما المعنوية، فهي جلبت من أطهر البقاع. ويحرص الحجاج العائدون على تقديم الهدايا التي جلبوها معهم من الديار المقدسة إلى ذويهم، التي تختلف في نوعها وقيمتها، وفيما إذا كانت مخصصة للنساء، أو الرجال، أو حتى الأطفال، كواحدة من أبرز الممارسات الاجتماعية المتوارثة التي درج عليها الناس. وتتميز هذه الهدايا بكونها بسيطة ورخيصة الثمن في الغالب. وتأتي في صدارتها السبح، والحناء، وخواتم الفضة، والكحل، وسجاد الصلاة. وربما بعض الحلويات والبخور، لتشكل قاسماً مشتركاً بين حجاج الداخل والخارج، ما أغرى بعض التجار بجمع هدايا مغلفة بأسعار متفاوتة. ومن أبرز هدايا الحجاج بعض من ماء زمزم، أو السواك. كما لا يغيب نصيب الصغار من الهدايا، كالإكسسوارات التي تحاكي المشغولات من الحلي والألعاب والملبوسات. وعلى رغم أن الهدايا التي يجلبها الحاج معه قد لا تكون ذات قيمة عالية، إلا أن البعض يعدها «بركة»، نظراً لكونها مشتراة من الأراضي المقدسة. وتعبر عن رحلة العمر إلى هذه الأراضي. ويقول إبراهيم الرشود: «اشتاق كثيراً إلى هدايا الحجاج. وعلى رغم بساطتها، إلا أنني انتظرها من أقاربي حال عودتهم من الحج»، مشيراً إلى أن الهدايا التي يفضلها هي السواك، والمسابح الخشبية المُعطرة. ويضيف «لا تؤثر الحالة المادية على اقتناء الهدايا، فالجميع يقدمونها حتى ذوي الدخل البسيط»، مؤكداً انه «على رغم أن تلك الهدايا قد تسبب عبئاً مادياً على الحجاج، مثلما تسبب لهم متاعب في حملها، لكنهم مع ذلك يحرصون على شرائها بكميات كبيرة، لأسرهم وأصدقائهم». ويتابع «قيمة هدية الحاج لا تقاس بحسابات مادية، وإنما معنوياً، بصفتها هدية من الديار المقدسة، ولها مكانة كبيرة عند الشخص الذي يتسلمها. كما أنها عادة سنوية حسنة». ويصف المقيم كمال أمجد، حال الحجاج القادمين من بلاد الحرمين في بلده، «يحرص الأقارب على زيارة الحجاج، وتقديم التهاني لهم، والتبرك بمقدمهم بعد عودتهم من أداء مناسك الحج، وهي من الواجبات الاجتماعية المهمة. كما أنها عملية قد تستغرق وقتاً طويلاً من جانب الحجاج، بحسب عدد معارفهم وأصدقائهم. ويحرص الحجاج على تقديم الهدايا لضيوفهم من المهنئين، مثل المسابح، وسجادة الصلاة على وجه الخصوص». ويوضح أمجد أن «الحاج يضع من جملة الأشياء التي يفكر فيها قبل التوجه إلى الديار المقدسة، موضوع الهدايا، ونوعياتها، وأعدادها، والمال الذي يخصصه لها»، ما يدل على أهميتها.