لم ينقض العام إلا واستجاب الله دعاء العجوز الثمانينية ولا يزال صداه بين السماء والأرض، إذ دعت لابنتها وألحت في الدعاء ألا يأتي هذا العام إلا وهي تقف في المكان نفسه استعدادا لرمي الجمرات. تخنق العبرة سيتي يانتي القادمة من أقصى الأرخبيل الإندونيسي وهي تحكي قصتها التي قضت سنوات وهي تجمع تكاليف حجها وتتقدم للدخول في قرعة القادمين للحج وتسعى بكل ما أوتيت من قوة للفوز بحجة، وبعد أن تتحقق الأمنية واقتراب الأيام حتى بدأت في التجهز للرحيل، ثم تطلب منها أمها الطاعنة في السن أن تحل مكانها للذهاب للحج، لتبدأ صراعاً نفسياً من نوع آخر بين بر والدتها التي تجاوزت الثمانين من عمرها وهي لم تكمل الركن الخامس من أركان الإسلام وبين أمنيتها التي تجاوزت الستين من عمرها ويصعب معها أن تجد فرصة أخرى لنيل هذا الشرف، لتفضل برها لأمها على أداء الحج في العام عله يكون سببا في دخولها الجنة. تقول بعد أن حقق الله أمنيتها هذا العام «الله عالم بما يدور في الأنفس فما كنت أشعر به داخل نفسي من صراع لا يعلمه سواه؛ فرغبتي في الحج وحرصي على توفير المال اللازم لذلك على مدار سنوات يقابلها رغبة مفاجئة ترتبط بالبقاء جوار والدتي ففضلت البر فكان الجزاء السريع، جادت الأرض بمحصول وفير في موسم الأرز، ولم يخذلنا محصول السكر وتوافرت الأموال قبل رمضان وتقدم أبنائي ليبروا بي فالجزاء من جنس العمل ويسعوا في حجي بأوراقي للجهات المعنية بالحجاج في إندونيسيا لتنتهي الإجراءات سريعا بالموافقة، وها أنا ذا أقف في منى لأتذكر أمي وهي تدعو لي العام الماضي في أن ييسر الله لي الحج».