نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أطلق أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمس مؤتمر مكةالمكرمة ال 11 «التحديات الإعلامية في عصر العولمة»، والذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي. ودعا الأمير خالد في حفل الافتتاح في مكةالمكرمة وسائل الإعلام الإسلامي إلى مواجهة تحديات الأمة، مؤكدا أن الإعلام الإسلامي يمثل الحصن المنيع لحماية الأمة من الفوضى الفكرية. وتمنى الأمير خالد من الإعلام «بأن يعرض من خلال آليات رصينة ووسائل مدروسة منهج الاعتدال والوسطية في الإسلام وصبغته الحنيفية السمحة، البريئة من وصمة الغلو الذي حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم»، مؤكدا أن الإسلام قادر على حل مشكلات الإنسان، وأشار الأمير خالد إلى أن الإسلام مؤصل لقيم الحق والعدل والسلام التي تتطلع إليها البشرية. وخاطب الأمير خالد المشاركين وحضور مؤتمر مكة الذي يختتم غدا في منى، مؤكدا أن المملكة إدراكا لمسؤوليتها تجاه الأمة الإسلامية تعمل جاهدة على نصرة قضايا الأمة والدفاع عنها في المحافل الدولية، وتبرهن على إنسانية الإسلام ببذل عونها للقضايا الإنسانية دونما تمييز، وتحرص على جمع الكلمة وتصفية النزاعات وتوحيد الصف الإسلامي، وأضاف «أنها تسعى لتوظيف الرصيد العظيم من القيم الإنسانية والحضارية الراقية للأمة الإسلامية من أجل تحقيق تكامل حقيقي بين المسلمين». ونقل الأمير خالد الفيصل تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى المشاركين في المؤتمر «وقد أولاني شرف النيابة عنه يحفظه الله في افتتاح هذا المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، إحياء لسنة حميدة، سنها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه والتزمها أبناؤه من بعده». ولفت الأمير خالد إلى أهمية استثمار مثل هذه المناسبات التي يحتشد فيها المسلمون، مطالبا بضرورة استغلال المناسبات الحاشدة لبحث وسائل تعظيم التعاون والتضامن بينهم، ومدارسة مشكلاتهم، وطرح الحلول لها. وخاطب أمير منطقة مكة ضيوف المؤتمر قائلا: «أرحب بكم في المملكة العربية السعودية، التي تستقبل الآن الملايين من ضيوف الرحمن، بالمزيد من ترقية الخدمات المقدمة لهم، والتيسير عليهم في أداء نسكهم، نسأل الله جل وعلا العون والتوفيق في خدمتهم، حتى يؤدوا مناسكهم في أمن وطمأنينة، ويعودوا إلى بلادهم سالمين غانمين إن شاء الله». الفيصل أشاد بتنظيم رابطة العالم الإسلامي لمؤتمر يتعلق بالتحديات الإعلامية التي تواجهها الأمة، مؤملا أن يتوصل المؤتمر إلى وسائل وآليات متجددة تناسب طبيعة هذه التحديات «ذلك أنه بفعل التطور الهائل في وسائل الاتصال، أصبح للإعلام سطوة عالمية لا تخفى، حتى غدا من أمضى الأسلحة الحديثة سلبا أو إيجابا وأبعدها أثرا وتأثيرا في ترسيخ المفاهيم العامة، وقد طالت أمتنا الكثير من سهامه ظلما وعدوانا». وأبان الأمير خالد الفيصل أن الإعلام الإسلامي يمثل الحصن المنيع لحماية الأمة من الفوضى الفكرية التي تتعرض لها نتيجة الانفتاح على عالم بلا حدود من الأفكار والثقافات، مطالبا إياه أن يولي عناية خاصة بالشباب لحمايتهم من السقوط في شراك الفكر المنحرف، وتجنيب الأمة المزيد من التشرذم والضعف والاضطراب، ومصادرة حجج أعدائها ومبرراتهم للنيل منها ومن دينها، «ولا شك أن هذه المهام العظام المنوطة بالإعلام الإسلامي يتوقف نجاحه فيها على مدى التنسيق والتعاون بين مؤسساته المعنية في البلاد الإسلامية، وترسيخ ميثاق الشرف الإعلامي، والتزامه في تعامله البيني والعالمي». التطور الإعلامي من جانبه، طالب المفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الأمة الإسلامية تبليغ رسالات الله للعالم في مختلف أصقاع الأرض، موضحا «إننا في عصر تقاربت فيه المسافات، والتقت فيه الحضارات، وتطورت وسائل الاتصال بين الناس، مما أحدث شيئا في العقيدة والفكر ونمط الحياة»، مشيرا إلى أن أعظم ما تواجهه الأمة التطور الإعلامي الهائل الذي له الأثر العظيم، وتأثيره في الناس معروف، فهو بالغ التأثير سريع الانتشار، مؤكدا أن الحرب الإعلامية على الإسلام وأهله أمر واضح في كثير من وسائل الإعلام العالمي «حرب على الإسلام، ويستخدمون أحيانا أسماء مستعارة، والهدف هو الإسلام وحده، ومحاربة مبادئه، وأخلاقه، وقيمه، وأن من واجب العالم الإسلام تجاه هذه التطورات أن يكون موقفه عظيما من خلال إعلام إسلامي قوي يقارع الحجة بالحجة ويدحض الباطل بالحق». وأكد المفتي العام أن الإعلام الإسلامي إذا طور على أيدي المخلصين قابل هذا الباطل بالحق المبين، موضحا أن «أعداءنا اتخذوا وسائل الإعلام وسيلة لهم لنشر الغزو الفكري الخطير، ولاسيما ما يعرض في التلفزيون وشاشات العرض، مما له التأثير على الأمة في أخلاقها وقيمها، ومما زاد الأمر سوءا أن بعضا من وسائل الإعلام الإسلامي وبعض المحطات المنسوبة لبعض المسلمين أصبح لها صدى لهذا الغزو الثقافي الخطير، وأصبحت تقلد الإعلام الغربي الهابط في كثير من شؤونها»، مبينا أهمية الإعلام الإسلامي لدعم الأخلاق والقيم والدفاع عن الحق ونشر محاسن الإسلام وفضائله. وطالب آل الشيخ الرابطة بإنشاء قناة فضائية، أو اشتراك في القنوات العالمية لنشر الفضائل والقيم الإسلامية، وتقارع الحجة بالحجة، وتدمغ الباطل بالحق. وأوضح المفتي العام أن علاج هذا التطور الإعلامي لا يكون بالانغلاق، ولا بمنع الزحف الإعلامي الهائل، ولا أن نتجاهل ذلك الإعلام الذي فرض نفسه على الواقع، وإنما يكون علاجه بمراقبة أي حدث، وأن نقابله بالحق الواضح المبين، وتوعية المتلقي توعية إسلامية في نفسه ليكون على بصيرة مما يلقى ويعرض، وأن ننشر قضايا الأمة، وندافع عنها وننشر فضائل الإسلام، وندافع عنه ليكون لإعلامنا وقع تأثيري على العالم وننبههم من هذه الأخطاء بالأسلوب الجذاب البعيد عن الشدة، وإنما هو نقاش علمي هادف؛ لأنه لا يمكن أن تدحض الباطل بقوة الكلام، وإنما بالكلام الموزون الرزين الذي ينطلق من أسس علمية ثابتة. منافسة إعلامية وأوضح الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في كلمته في الحفل أن الانفتاح الذي جاءت به العولمة في مجال الإعلام والمعلومات يعد تحديا جديدا وشديدا في وجه العمل على إصلاح إعلام الأمة وتحريره من السلبيات «فالإعلام العالمي يمارس منافسة شديدة في داخل العالم الإسلامي بامتلاكه لنسبة كبيرة من الوسائل الفضائي، مع الاحترافية في الإنتاج والأداء والاعتماد على الخبرة في دراسة المجتمعات». وطالب التركي المسلمين بالوقوف في وجه تحديات الأمة الإعلامية «فخطوة واحدة من التقدم في الخير أو الابتعاد عن الشر عمل صالح لا يستهان به، خاصة أن العالم الإسلامي يملك إمكانات مادية جيدة، ويزخر بالكوادر الإعلامية والخبرة الفنية»، مضيفا أنه «ليس من الحكمة أن يقصر النظر إلى العولمة على جوانبها السلبية، وأن يوقف منها موقف الممانعة والاحتماء، بل لا يجدي معها إلا المشاركة بما ينفع، وذلك يقتضي التعرف على جوانبها الإيجابية العديدة، واستثمارها في الخير، ومن ذلك دعم التواصل والتعاون الإسلامي بواسطة الإعلام والاتصال». وأشاد التركي بالجهود الإعلامية التي تبذلها المملكة في قنواتها الإذاعية والتلفزيونية، مبينا أن الأمثلة في العالم الإسلامي وخارجه كثيرة، التي تحتاج إلى الدعم والتطوير والتكامل فيما بينهما». وقال التركي: «من أهم ما يتسم به عصر العولمة ما يسمى بثورة المعلومات، ذلك أن وسائل الاتصال اندمجت مع وسائل الإعلام في تكوين شبكة عالمية تعتمد على التقنية الرقمية والإرسال الفضائي، يتواصل الناس بواسطتها، ويتبادلون المعلومات بشتى صورها، المكتوبة والمسموعة والمرئية»، مبينا أن التقنية العالية التي تخدم الاتصال وتطور وسائله قد أحدثت تغييرا عميقا في العلاقات والتعامل، وجعلت وسائل الاتصال في صميم حياة الناس، حتى أصبحوا يعتمدون عليه في كثير من شؤونهم وأعمالهم، لاسيما مع تسهيل أعمال الترجمة التي تزيل الحواجز اللغوية»، موضحا أن الرسالة الإعلامية إذا كانت بريئة من الأغراض السيئة، وكانت المادة الإعلامية منضبطة في محتواها بما لا يتعارض مع العقيدة والقيم والأخلاق الإسلامية «فذلك الذي ينشده المصلحون، وينسجم مع خصوصيتهم ويساعدهم على تقوية الأواصر بينهم، وتبليغ رسالتهم إلى العالم».