اعترفت وزارة الحج بأن أجزاء من مشاريعها لا تتم حسب المخطط لها كما لوحظ في موسم الحج الماضي، حيث لم تفلح تدابير الوزارة في خفض نسبة التخلف في سقفها الأعلى إلى واحد في المائة، بيد أنها تفرض تدابير وأنظمة أرغمت الشركات على السعي وراء تطبيق النظام وتحقيق المصالح النفعية المشتركة، وساهمت في عملية مكافحة الظاهرة بشكل عام وتقليصها خلال السنوات الخمس الماضية من نصف مليون إلى 13 ألف متخلف في الموسم الماضي، في الوقت الذي تشير فيه دراسات المسح الميداني إلى تحقيق نجاح في الارتقاء بمستوى الخدمة من خلال استهداف الوزارة للبنية التحتية في مخططاتها التطويرية المشتركة بين الجهات العاملة في الحج، ونفت الوزارة اتهامها بتأخير برامجها لحين اقتراب دخول موسم الحج، فيما أكدت قناعتها بأن المرأة لا تملك الخبرة المتراكمة للعمل في مؤسسات الطوافة ما أعاق دمجها في العمل الميداني تخوفا من الوزارة من فشل التجربة، فإلى تفاصيل المواجهة مع مسؤولي وزارة الحج في الحلقة الثانية من ملتقى «عكاظ»: عبد الكريم المربع: • يدخل قطار المشاعر هذا العام بجزء من إمكانياته لخدمة الحجاج، كيف تعاملتم مع هذا المتغير في خططكم؟ د.عيسى رواس وكيل وزارة الحج لشؤون العمرة: إذا ما نظرنا إلى الجوانب الإيجابية التي سوف يتيحها مشروع قطار المشاعر سندرك حجم المعاناة التي سوف تزول عن عاتق العاملين في الحج، فضلا عن السلبيات التي سوف يقضي عليها، ولعل الازدحام المروري للمركبات من أهمها؛ إذ يتيح القطار الاستغناء عن ما يقارب 30 ألف حافلة في المشاعر المقدسة، كما أن سهولة التنقل داخل المشاعر في غضون دقائق يعد حلما كان يراود كل من يعمل في الموسم، وبالنظر إلى الدول التي تعتمد على وسيلة نقل موحدة فإنها بالتأكيد تكون أكثر عرضة لمواجهة الصعوبات، ولعل تنوع وسائل النقل بعد دخول قطار المشاعر يسهل ويوفر في عملية النقل دون التأثير على مسار عملية النقل العامة للحجاج خارج المشاعر. النقل الترددي د.سهل الصبان وكيل وزارة الحج للنقل والمشاريع والمشاعر المقدسة: لا يمكن بأي حال تحجيم دور مشروع النقل الترددي الذي وضعت له كل هذه الإمكانات وجعله عرضة للانتقاص، فمشروعات النقل هي شواهد إنجاز يثبتها تتبع الخطوط الزمنية كيف كانت وأين أصبحت، حيث يتمتع مشروع النقل الترددي في المشاعر المقدسة بكونه أسلوبا مطورا لتنظيم كافة الجوانب المتعلقة بنقل الحجاج بين مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة عبر طريق مستقل باتجاهين لذهاب وعودة الحافلات داخل مسار محكوم باستخدام محطات إركاب مرقمة، ومن مزاياه كذلك رفع كفاءة نقل الحجاج بمعدل 44 ألف حاج في الساعة وتخفيض عدد الحافلات المستخدمة من خمسة الآف حافلة إلى 3400 حافلة بنسبة 35 في المائة، ويتيح كذلك زيادة عدد ردود الحافلات من ردين إلى سبعة ردود بنسبة 250 في المائة، إضافة إلى تخفيض نسبة التلوث الهوائي الناتج عن عادم الحافلات بنسبة 86 في المائة مع تخفيض متوسط زمن الانتقال من عرفات إلى مزدلفة من خمس ساعات إلى عشرين دقيقة، وكذلك تخفيض متوسط زمن وقوف الحافلات بمزدلفة من أربع ساعات إلى سبع دقائق، ويتميز النقل الترددي كذلك بالاستغناء عن مواقف الحافلات في المشاعر المقدسة واستخدامها كمساحات لنزول الحجاج واستخدام حافلات ومسارات الحركة الترددية للإخلاء السريع في حالات الطوارئ. وزاد الصبان صدرت عدة توجيهات من أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس الهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج، وكان منها إنشاء جهاز إداري دائم لمتابعة خدمة النقل الترددي ضمن تنظيمات وزارة الحج مع توليها الإشراف على تنفيذ مراحل نقل الحجاج بالحافلات بواسطة الرحلات الترددية، كما شملت التوجيهات اعتماد وتشكيل المجلس التنسيقي بالرحلات الترددية تحت إشراف وزارة الحج وبمشاركة ثماني جهات هي الأمن العام وإدارة الدفاع المدني ووزارة النقل وأمانة الهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج وأمانة العاصمة المقدسة ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والنقابة العامة للسيارات ومؤسسات الطوافة. وحول الرؤية المستقبلية للنقل الترددي يوضح الصبان بأنه سوف يتم بحلول الموسم ال1435 ه، نقل جميع الحجاج بواسطة الرحلات الترددية مع تحقيق ما يتوقعه الحاج من مستوى مع الخدمة المقدمة له في المشاعر بما يمكنه من أداء مناسكه بيسر واطمئنان، كما يأتي المخطط التنفيذي التعديلي على المرحلتين الرابعة والخامسة بما يتناسب مع قطار المشاعر المقدسة والخط الجنوبي والتي سوف تقدم خدماتها إلى حجاج الدول العربية وحجاج جنوب آسيا وحجاج الداخل ودول الخليج في المرحلة الأخيرة، حيث تم تحضير دراسة مبدئية لتعديل المخطط التنظيمي العام للمراحل مع متغيرات المشروعات التطويرية في المشاعر المقدسة ووضع تصميم أولي لعناصر المرحلتين قابلة للإضافة والتعديل بعد تقييم نتائج تشغيل قطار المشاعر لوضع كامل الخدمتين في مسار خدمي موحد يمكن من الاستفادة من كليهما. التفاعل المبكر د. زهير كتبي كاتب وإعلامي: • ولكن الوزارة لا تتفاعل في وقت مبكر بدليل أنها لا تبدأ في استنفار طاقاتها ولا تبدأ برامجها التدريبية إلا في وقت متأخر قبل بداية الموسم، الأمر الذي يوقعها في مأزق التقاطع مع بداية موسم الحج ما يجعل برامجها ناقصة دائما؟ حاتم قاضي وكيل وزارة الحج لشؤون الحج: ليس صحيحا أن الوزارة تتوقف لحين قرب موسم الحج، بل نحن في ورشة عمل متواصلة على مدار العام، وبرامجنا مطروحة والدراسات قائمة، إلا أن الأنظار لا تتجه لنا سوى في هذه الفترة، فيتراءى للناظر من خلف ممرات الوزارة أنها لا تعمل سوى في هذا الوقت، وأود أن أشير إلى أن هناك أعمالا لا يصح القيام بها سوى في مثل هذا الوقت لانتهاء العمل فيها ولقياس مدى جاهزيتها لخدمة ضيوف الرحمن. تناقص المتخلفين فاتن محمد رئيسة اللجنة النسائية في مؤسسة جنوب آسيا: ما الآلية التي اتبعتها وزارة الحج لتقليص أعداد المتخلفين، ولماذا ترفض الوزارة الربط بين المتخلفين وظاهرة الافتراش في الحج؟ د.عيسى رواس: انخفاض أعداد المتخلفين أخضع لعدة أنظمة ساهمت في عملية التقليص وكان من أهمها استخدام النظام الإلكتروني لإيقاع العقوبة على الشركة المخالفة أنيا ولا يتم الانتظار حتى انقضاء الموسم، حيث حددت نسبة تنازلية على مدى مواسم منصرمة بدأت من 10 في المائة، وكان على الشركة التي تصل إلى هذه النسبة تنفيذ العقوبات الصادرة بحقها إلى أن يتم خفض النسبة، وكان ذلك في العام 1427ه، وفي العام الذي يليه تم خفض الحد الأعلى لسقف التخلف إلى خمسة في المائة، وفي العام الذي يليه وصلنا إلى ثلاثة في المائة، وفي العام الماضي استطعنا أن نصل إلى نسبة واحد في المائة وتم تطبيقه، غير أنه لم يحقق الرقم المستهدف لأننا لم نحقق منه سوى اثنين من عشرة في المائة، وهو الأمر الذي دفع بكثير من الشركات إلى تفادي توقيف نظامها وتعريضها للعقوبة، فأصبحت تبحث عن الحجاج الجادين الذين يؤدون مناسكهم ويعودون لأوطانهم، إضافة إلى ما قامت به الوزارة من إلزام الشركات بتقديم خطة تشغيلية للموسم نقلها من العملية الارتجالية إلى عمل مدروس ومخطط منذ انطلاق الموسم، ولوحظ من خلال هذا التطبيق ابتعاد الشركات العاجزة عن العمل بهذا النظام وبقاء الشركات القوية القادرة على مواكبة متطلبات الوزارة، إضافة إلى الرقابة التي تم تطبيقها بحق الشركات على طريقتين الأولى الرقابة الإلكترونية من خلال الأنظمة والرقابة الميدانية، فمتى ما التزمت أتيح لها مجال أوسع في زيادة أعداد حجيجها، وأخلص إلى أن الضوابط لم تعق، بل حققت المعالجة السليمة للسلبيات، وأما ما يتعلق بربط ظاهرة التخلف بالافتراش فليس لها علاقة مباشرة، ولكن الحج غير النظامي وغيره من الظواهر السلبية أسهم في نشوء هذه الظاهرة التي تعمل إمارة منطقة مكةالمكرمة على محاربتها من خلال حملتيها الإعلامية (لا حج بلا تصريح والحج عبادة وسلوك حضاري). الطيارون والمضيفات عبدالله سابق صاحب حملة رفاق الصفوة لحجاج الداخل: • لا زالت بعض الأنظمة في وزارة الحج غير محدثة لتواكب الاحتياج، فنحن نواجه في شركات حجاج الداخل أزمة في تسجيل المضيفات والطيارين لأنهم لا يحملون أنظمة إقامة فوق الستة أشهر؟ فايز البركاتي مدير شؤون حجاج الداخل: هذه الفئة من الراغبين في الحج (المضيفات والطيارين) قليلة، فلا يمكن إقرار نظام إلكتروني خاص بهم؛ لذلك تتم معالجة موضوعهم وفق الاتفاقية بين وزارة الحج ووزارة الداخلية على أن تستقبل طلباتهم وتعالج، وغالبا ما يتم ذلك في ظرف 24 ساعة. أحمد عايل فقيهي: • ما سبب غياب المرأة عن مجالس إدارة مؤسسات الطوافة، وبما أن الحج يعتبر أكبر تظاهرة يجتمع فيها أقطاب الأرض، كيف يمكن الاستفادة منها في تقديم خطاب ديني معتدل عبر الوزارة ومؤسساتها؟ د. رشاد محمد حسين نائب رئيس مجلس إدارة جنوب آسيا: مثل هذا الموضوع للأسف يؤخذ في غير سياقه، وقد تم الاشتراك مع الوزارة في أكثر من لقاء بهذا الشأن، ونلحظ من خلال عمل المرأة في السابق في الطوافة الفردية أن المرأة تقوم بأدوار مساندة مهمة في خدمة الحجيج، وعندما جاءت فكرة المؤسسات القائمة على أن البعض ينوب عن الكل، لم يؤخذ عند نشأتها دور المرأة في الحسبان، فعلى مر ثلاثة عقود كان دور المرأة متوقفا في المؤسسات، صاحب ذلك فراغ تنظيمي كانت المؤسسات فيه تحت مظلة تجريبية وتعاني من فراغ تنظيمي عطل مشاركة المرأة، إضافة إلى أجواء كانت سائدة طغت وحجمت دور المرأة، وعند إقرار تثبيت المؤسسات في العام 1428ه، وجدت وزارة الحج أنها لا تملك خبرة متراكمة لعمل المرأة في المؤسسات حتى يتم على ضوئها التنظيم والتشريع؛ وعليه أتاحت المجال أمام مؤسسات الطوافة بحسب عملها معرفة الأدوار التي يمكن للمرأة المشاركة فيها بما يليق ويلائم طبيعتها ويقدم على ضوئها مبادرات يتم التحرك وفقها، فكان لبعض الجهود وتشكيل اللجان النسائية التطوعية وغيرها في المؤسسات دور في بناء الخبرة التراكمية على المدى القريب القادم، والتسرع في وضع المرأة دون تخطيط قد يجهض فكرة مشاركة المرأة بشكل مطلق في حال فشلها، فالتحرك الحالي بطيء، ولكنه في الاتجاه الصحيح بما يناسب حساسية موضوع المرأة المتمثل في وجوب تواجدها كعاملة في الحج وأن تكون جنبا إلى جنب مع الرجل في الميدان، ونحن لا زلنا مجتمعا محافظا، ولعل إشكالية الاختلاط لم تحسم بشكل مفصلي ونهائي يمكن أن ينبني عليه قرار تشريعي لا تحسب سلبياته على حساب مهنة الطوافة وعملها. وحول الخطاب الديني في الوقت الراهن أؤكد بأننا نعيش أزمة في عدم الاستفادة من قدوم الحجاج الذين من بينهم عالم أو علماء بسبب عامل السرعة التي أصبحت سمة لموسم الحج، بخلاف الوقت السابق الذي كان يمكث فيه الحاج في مكةالمكرمة ما يقارب الأربعة أشهر تمكنه من تبادل الثقافات والخبرات ويكون هناك حراك ثقافي شامل، ويجب على كافة الجهات المعنية وليس وزارة الحج وحدها بحث الحلول المواكبة لعملية الحج السريع وكيف يمكن أن تتم الاستفادة من تبادل الثقافات وتعميم الخطابات الدينية المعتدلة بين الشعوب. مشاركة المرأة فاتن محمد: نحن في المؤسسة قمنا بدور اجتهادي بني على أساس تطوعي وفق مهام محددة للمرأة ومحصورة في الأعمال الإنسانية كعيادة المرضى وتقديم المحاضرات الدينية والتوعية فيما يتعلق بالمخالفات الشرعية ومحذورات النساء، مع تكفل اللجنة بالقيام بجولات على أبرز المتاحف والمعالم التاريخية في مكةالمكرمة في الحج، وقد لقيت الفكرة استحسان المجتمع النسائي المكي، وسرعان ما ارتفع عدد عضوات اللجنة من 10 إلى 50 عضوة حاليا، ومن المهم أن أوضح أن المرأة في المملكة تستطيع أن تقوم بجهود مساندة كما كانت عليه في السابق، وأعني مساهمة المرأة المكية في عمل الطوافة قبل الشكل التنظيمي الجديد، وكيف أن الأسر هي من كان يقوم بهذه المهمة بكافة أفرادها كل حسب إمكانياته، ومن خلال الاحتكاك بهذه الفئة بينوا لنا أنهم الآن فقط عرفوا معنى وقيمة المرأة السعودية كعاملة وكمثقفة وسيدة قيادية رائدة محت الصورة السلبية التي كانت تخالج أذهانهم بأن المرأة السعودية لا تفقه شيئاً، وهناك دور مهم تقوم به هذه اللجنة يسهم في عملية الإرشاد فبعد أن تعود المريضة التي نقلت إلى المستشفى وقد يكون أفراد أسرتها لا يعلمون عنها، فنقوم نحن بقراءة البيانات المسجلة بإسوارة الحاجة والاتصال بمكتب الخدمة الميدانية التابعة له وتوصيلها أو ذويها إن أمكننا ذلك، ومن إفرازات هذه الفكرة تم إنشاء العديد من اللجان النسائية داخل مكاتب الخدمة الميدانية لتقوم بذات الدور التطوعي الإنساني. مقترحات الصحافة د. عبدالعزيز السرحان عضو مجلس إدارة مؤسسة حجاج الدول العربية: • تبنت الصحافة بعض الأفكار والآراء التي لم تفعل أو تتبنى من قبل وزارة الحج مع أنها متاحة وتثري مجال خدمة الحجيج .. لماذا؟ حاتم قاضي: هناك البعض من هذه المقترحات لا يمكن وصفها سوى بأنها أماني يصعب تحقيقها الآني إلا بالتخطيط والتنسيق مع بعض الجهات كل بحسب الاختصاص، وقد عرج البعض في تناولهم للمشكلات التي تواجه الحجيج ومنها السكن خارج النطاق العمراني، وفي هذا الأمر بحثت وزارة الحج سبل الحل بإتاحة الفرصة للحجاج باختيار المباني الصالحة لسكنهم وتسجيلها لدى المؤسسات والوزارة، وقد وضع تنظيم معين يكفل توفير وسائل نقل لمن يتجاوز عدد أمتار معين عن الحرم المكي والمنطقة المركزية. المنطقة المركزية عبدالواحد برهان سيف الدين رئيس مؤسسة حجاج أفريقيا غير العربية: المخطط الشامل والمشروعات التطويرية التي تتبناها هيئة تطوير مكةالمكرمة سوف تتيح وسائل نقل حديثة تقضي على سلبيات تنوع مناطق إسكان الحجاج، والذي يسهم في فك الاختناقات عن المنطقة المركزية كما أن البعثات هي صاحبة القرار في اختيار مكان إقامة حجاجها ويتم تسجيلهم لدينا لدى وزارة الحج ويؤمن لمن يبعد عن الحرم أكثر من كيلومترين، إضافة إلى أن الحلول الجذرية في المخطط الشامل لمكةالمكرمة لن يغيب أهالي مكة وما يواجهونه من صعوبات في التنقل خلال مواسم الحج.