في حديث للدكتور مالك الأحمد عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود نشر في «عكاظ»، قال إن التشدد كان حجر عثرة في استخدامنا للإعلام والفن في خدمة الدعوة وتصحيح صورة الإسلام. طبعا هذا من وجهة نظر الأخ الفاضل الدكتور الأحمد، لكننا نحن الإعلاميين وأهل الفن ننظر للموضوع من زاوية أوسع، وهي أن التشدد ضرب نفسه في منع الإبداع والفنون، ومع منعه للفنون الراقية منعت أكبر زراعة للقيم في عقول النشء، مما سبب الكثير من الانحرافات التي نراها، فالأمر ليس مقصورا على الدعوة، لأن الدعوة تتم في ضمنية الحفاظ على القيم الأساسية التي تستطيع أداة الابداع أن تشجعها بخلق تشاركية محفزة للجميل والصالح، ومنفرة من القبيح والفاسد، فارضة القيم باستهواء التفريق، وليس بالوعظ المباشر، أو بالقوة الجبرية. وهذا هو الفارق في موضوع إيقاف العمل الفني وتحجيمه، والتضييق عليه حتى صار ممارسة تحت الأرض، وفي نفس الوقت عجز التشدد عن تقديم البديل، ليظهر العنف، وسوء الخلق من سبب فقد القيم. الفن، يا سيدي، له جسد، وله روح، وبإمكانه حمل القيم الأساسية، وليس ترويج قيم الأيديولجي المركب فقط، ومن خلال القيم الأساسية، وطرح الفكر الديني في منطقة الخلقي يصلح الناس في أمر دينهم ودنياهم، لأن عقولهم تتزن في التفريق بين الخير والشر، وهما الشيئان المتقابلان لوزن القيم بميزان الفن الراقي. قال الدكتور الفاضل الأحمد ل «عكاظ»: «من أبرز أسباب تقصيرنا في استخدام الأدوات الإعلامية والفنية في خدمة الدعوة أن اهتمام الصحوة الإسلامية بالإعلام والوعي بأهميته جاء متأخرا، ولعل موضوع حرمة التصوير أخذ حيزا كبيرا من النقاش فأخرنا عن الدخول إلى هذا المجال وقلص حظوظنا في المنافسة به». وهذا الكلام يحتاج من الدكتور إلى مراجعة، فالصحوة فعلا استخدمت أدوات الإعلام بكثافة سواء بالأناشيد أو الأفلام الوعظية، ولم يكن أساس المشكل هو حجم الاستخدام، أو الجدل حول (حلة وحرمة) الموسيقى والصور والتمثيل وحضور النساء، بل إن الإعلام الموسوم بالدعوي حاول تجاوز تقنيات أساسية في طرح الواقع المعاش، فهو انتقائي يضيق الصورة إلى مفاهيمه خارج الرؤية العامة لكافة المسلمين، مع أن أكثر المتشددين لديهم من الثقافة ما يرشدهم إلى الخطأ الفني الذي وقعوا فيه، وكنا ننبه لهذا الأمر في التسعينيات، ونؤكد صعوبة تأثير فن مؤدلج يحاول تهميش التقنيات، ويتناسى الطريقة الأساسية في العمل الفني. تقصر المساحة عن شرح كل ما يمكن في هذا السياق، لكني أحيل سعادة الدكتور لباب القيم في فلسفة (شلر)، كما أحيله إلى كتب الناقد (ت. س. إليوت / الناقد وليس الشاعر)، وعلى الأخص حديقة الفن. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة