بين صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أهمية الإنجاز التاريخي الذي حققه جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله في تأسيس وبناء المملكة بوصفها دولة إسلامية وعربية موحدة ومستقلة. وسرد الأمير تركي في محاضرة ألقاها أمس في جامعة جنوب فلوريدا، بحضور عدد من الأكاديميين والباحثين في مجال الدراسات الإسلامية، الملامح الرئيسة لتاريخ المملكة العربية السعودية الحديث، ومراحل تطورها في العقود التالية لمرحلة التأسيس، والسياسات الناجحة التي انتهجها قادة المملكة في مجالات التنمية الداخلية والعلاقات الخارجية، وتجاوزت بها التحديات والظروف التي واجهت العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وأشار الأمير تركي الفيصل إلى اهتمام المملكة المبكر بالقضية الفلسطينية، مؤكداً أن استعادة حقوق الشعب الفلسطيني عنصر ضروري لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتحدث عن أهم أحداث حقبة السبعينيات والثمانينيات قائلا «تصدت المملكة للتطرف الديني الذي تمثل في أحداث الحرم في نوفمبر 1979 وللأحداث التي رافقت الثورة الإيرانية، والحرب بين العراق وإيران، والاحتلال السوفييتي لأفغانستان»، مشيراً إلى المساعدات التي قدمتها المملكة والولايات المتحدة للمجاهدين الأفغان في تلك الفترة. كما تطرق إلى التطورات الداخلية في المملكة، وأشار إلى أن «تلك الفترة شهدت إصدار نظام الحكم الأساسي وتشكيل مجلس الشورى، وإجراء الإصلاحات الاجتماعية، إلى جانب دعم علاقات المملكة الخارجية وتعزيز دورها في المجالات الدولية». وتحدث عن الظروف التي واجهتها المملكة في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، وأشار في هذا الصدد إلى أن المملكة كانت من أول الدول التي استهدفها تنظيم القاعدة بالأعمال الإرهابية، مثمنا الحملة القوية التي اضطلعت بها السلطات السعودية لاجتثاث الإرهاب والتوعية بأخطاره، وإسهام كبار العلماء ومناهج التعليم في نبذ التطرف والغلو، متناولا استمرار جهود المملكة في مكافحة الإرهاب، ونجاح برنامج مناصحة المعتقلين بتهم الإرهاب، وإعادة تأهيلهم، وتأكيد ارتباطهم بأسرهم ومجتمعهم. وتحدث الأمير تركي عن دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وأنها «مبنية على أن ما يجمع بين الشعوب أكثر مما يفرقها»، وقال إن مسيرة الحوار بدأت بمؤتمر مكة عام 2008 وانطلقت إلى العالم في مؤتمر مدريد ثم انتقلت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث وجدت دعوة خادم الحرمين الشريفين تأييدا أكثر من ستين من رؤساء دول العالم، وتقرر تأسيس أمانة عامة لحوار أتباع الأديان والثقافات لتعزيز ثقافة الحوار والسلام والمضي بها قدماً إلى الأمام.