استعاد سكان شرق جدة ذكرى وسيناريو «فاجعة الأربعاء» أمس وعادت بهم الأيام إلى تذكر 123 من أقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم الذين ابتلعتهم السيول والأمطار، فيما أطلق عليه الأربعاء الأسود وقتذاك. أرتال من الآليات العسكرية والمركبات الأمنية شكلت حضورها اللافت أمس في قويزة، والمستشفيات رفعت تأهبها إلى الإنذار الأصفر، فيما كانت المروحيات تملأ الفضاء مع دوي صافرات الإنذار في تجربة فرضية تعد الأكبر من نوعها استهدفت قياس الاستعدادات للكوارث والطوارئ المحتملة. اقتراب السيل الجاف عاش السكان لحظات من الترقب والانتظار والقلق عندما أعلنت قوات الدفاع المدني اقتراب أمواج السيل الجاف، وطلبت من السكان سرعة الإخلاء. بدأ سيناريو السيل في الثامنة صباحا عندما استقبلت غرفة العمليات في الدفاع المدني بلاغا عاجلا من هيئة الأرصاد وحماية البيئة عن تنبؤات هطول أمطار غزيرة على أنحاء واسعة في المحافظة، وفي الحال عقدت غرفة العمليات المكونة من كافة الجهات الحكومية والأمنية اجتماعا طارئا خلص إلى أن الأمطار تحمل معها كميات كبيرة من السيول المنقولة إلى مناطق شرق جدة، فانطلقت فرق الاستكشاف إلى مصبات الأودية ومواقع الجريان. وقال مدير الدفاع المدني في جدة العميد عبدالله الجداوي في شرح لتفاصيل التمرين العملي: إن التحذيرات توالت على غرفة العمليات واتخذت السلطات تدابير احترازية عاجلة؛ لإخلاء المدارس والمجمعات الطبية ونقل الطلاب والمرضى إلى أماكن آمنة. وفي الساعة الواحدة وخمسين دقيقة بحسب مدير الدفاع المدني أطلقت صافرات الإنذار عقب بدء السيول في دهم بعض المواقع فانطلقت عشرات الآليات والعربات معززة بكوادر فنية عالية المستوى؛ لإخلاء المباني ونقل السكان إلى مواقع إيواء بعيدة عن منطقة الخطر. وتواصل سيناريو الفرضية بتحرك فرق إنقاذ وبحث إلى المواقع المتضررة في الساعة الثانية والدقيقة 35، وشارك أكثر من 22 قطاعا حكوميا ومدنيا في تطويق آثار السيول ومحاصرتها مع متابعة دقيقة من محافظ جدة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز. إخلاء 2200 طالب في 12دقيقة مدير عام التربية والتعليم في محافظة جدة عبدالله أحمد الثقفي أبلغ «عكاظ» عن إخلاء 2200 طالب من ثلاث مدارس في قويزة في فترة لم تتجاوز 12 دقيقة انتهت بنقلهم إلى مراكز إيواء آمنة، مضيفا أن إدارته شكلت فريقا ميدانيا بقيادة مدير مكتب التربية والتعليم في شرق جدة لرصد كافة العوائق والملاحظات. من جهته، أوضح مدير الشؤون الصحية الدكتور سامي باداوود أن خمس مستشفيات كبرى في المحافظة أعلنت حالة الاستنفار القصوى، فيما تحركت 15 فرقة إسعافية وطبية إلى موقع الحدث وأشرف أكثر من 25 طبيبا على علاج المصابين، فيما تم تجهيز أكثر من 25 سريرا لمواجهة الحالات الطارئة. في الأثناء ذاتها قال مدير إدارة الطوارئ والكوارث في صحة جدة الدكتور محمد باجبير إن آليات الصحة والهلال الأحمر توافدت إلى موقع التجربة الفرضية. في ذات السياق، شاركت كهرباء جدة في سيناريو التجربة وأوضح مدير شؤون عملياتها المهندس أحمد باواكد أن عدة فرق مختصة مدعمة بفنيين وصلت إلى مسرح الحدث لمعالجة القطوعات، كما شهدت التجربة مشاركة فاعلة من الشرطة. الشرطة تتصدى للفضوليين وقال ل «عكاظ» مديرها اللواء علي الغامدي إن تجربة سيول جدة الأخيرة أكسبت الجميع خبرات يتم الاستفادة منها، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية ارتبطت بغرفة العمليات للتنسيق والتحرك والتدخل السريع. فيما أشار قائد الدوريات الأمنية في جدة العقيد سعد الغامدي أن مهمات الدوريات الأمنية في موقع الحدث تمثلت في حفظ جوانب الأمن ومنع دخول الفضوليين إلى المناطق المنكوبة وإغلاق الشوارع وحفظ الأمن والممتلكات. إلى ذلك، تابع أهالي الصواعد، البستان، وقويزة سيناريو الفرضية باهتمام بالغ وعاش بعضهم فترات قلق جدية بعدما انطلفت صافرات الإنذار، لكن رجال الأمن المنتشرين في الموقع سارعوا بتهدئتهم وإعادتهم إلى منازلهم مع توضيحات كافية عن طبيعة المهمة وأسبابها الفرضية.