المراقب للخبر السعودي في وسائل الإعلام، خاصة المرئية منها والإلكترونية، يجده مختزلا إلى حد كبير في قالب الخبر الأمني وقضايا الإرهاب أو متمحورا حول قضايا الفساد الاجتماعي (وفق صيغة سعودي يعتدي) حتى بات الخبر السعودي المجتمعي في كثير من الأحايين مرتبطا بالغرائبية والتخلف الاجتماعي أحيانا، علما أن إعلان جنسيات الأشخاص (عربية كانت أو أجنبية) في أخبار الحوادث الصحفية يعده البعض نوعا من العنصرية الإعلامية. والمجتمع السعودي، بحراكه الثقافي والفكري والعلمي وموروثه التاريخي الضخم؛ أكبر من أن يتم اختزاله بأخبار فردية عابرة، لا تعكس أيضا حجم المعطيات الاقتصادية والسياسية والدينية للوطن والأمة، ما يعني أن هناك إشكالية في معالجة مضمون الخبر السعودي في بورصة الإعلام العالمي واتجاهاته في ذهنية المتلقي. فالانفتاح الإعلامي مطلب رئيس لكافة المجتمعات، بل هو أساس التغيير والتطوير والتنوير المجتمعي، إلا أن التركيز على فساد المجتمع السعودي من منطلقات سلوكية فردية، ونشرها كظواهر مجتمعية، لا يعني الحرية الإعلامية التي يفترض أن يكون مسارها وهدفها أعظم وأشمل، وذلك من منظور كلي وشمولي، خاصة أننا ندرك جميعا أن سلوكيات المواطن السعودي لا تختلف عن سلوكيات المواطن العربي، بسلبياتها وإيجابياتها. فكثافة الضخ الإعلامي السلبي عن الشخصية السعودية، يؤسس لخطاب إعلامي محبط، ينعكس سلبا على صورتنا المجتمعية داخليا وخارجيا، مع إدراكنا لواقعنا وإشكاليته المركبة، وحتمية التغيير، ولكن يظل السؤال هو كيفية المقاربة والمعالجة واشتراطاتها. فالنقد الإعلامي السائد مع أهميته، يفترض أيضا أن يرافقه مسار آخر لتحقيق الموضوعية المهنية وهو إبراز النماذج السعودية الإيجابية، بمعنى تقديم الوجه الآخر المشرق للوطن، فأولويات النقد الإعلامي، وكشف الفساد، وتعزيز الإصلاح والتغيير، يفترض ألا تتمحور بشكل مكثف حول سلبيات الشخصية والمجتمع السعودي، فهناك قضايا وطنية أكبر، بحاجة إلى النقد والتقييم والتقويم، في النظام الاقتصادي والتربوي وسلوكيات الموظفين العموميين، وأداء المؤسسات العامة، بمعنى الانشغال في قضايا الشأن العام، المتعارف عليها عالميا، الإصلاح المشاركة في صناعة القرار مكافحة الفقر، البطالة، العدالة الاجتماعية، تكافؤ الفرص، والمساوة.. إلخ. فهذه هي القضايا الحقيقية لقياس درجة الحرية الإعلامية في كافة المجتمعات، والتي قد يترتب عليها خسائر تمس المنشغلين فيها وتختلف من مجتمع لآخر، والعدالة الإعلامية تقتضي عند تسليط الضوء على فساد المجتمع السعودي أو مؤسساته إبراز الجانب الإيجابي للمجتمع والمؤسسات، حتى تتم عملية الإصلاح والبناء، عبر النمذجة الإيجابية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة