تزدان محافظة جدة هذه الأيام باحتضانها لمعرض الملك خالد - رحمه الله تعالى - وقد أحسن المنظمون اختيار موقع المعرض على شاطئ البحر الأحمر الجميل، وهذا المعرض الذي يمثل إضاءة فاتنة على تاريخ مشرق وصفحات مضيئة من تاريخ الملك البار بوطنه وشعبه وأمته، حيث قسم المعرض إلى سبع قاعات تعطر الأرجاء بنفحات من تاريخه المشرق بالإيمان والعمل الصالح وتحكي سنوات حياة إنسان كانت طيبته تعلو على كل تصرف، مما ينم عن إنسان نادر يخاف الله في كل حين. لقد نجح منظمو المعرض في تقسيمه إلى سبع قاعات كل قاعة اختصت بحكاية عن ذلك الملك الإنسان، ففي القاعة الأولى المسماة السيف في موضعه، وكذلك الندى ترى صور الملك خالد وهو يزور مصابي الفتنة التي حدثت في الحرم حينذاك، وترى إيضا خطابات التهنئة بالنصر على أعداء الدين والوطن، ومما لفت انتباهي في هذه القاعة خطابا موجها إلى جلالته بميزانية الدولة وكان مكتوبا بخط اليد، إضافة إلى مكتبه الحقيقي الذي كان يجلس عليه عندما كان ملكا للبلاد، أما القاعة الثانية والتي تسمى في قلب الأحداث العالمية، فهي ترمز إلى علاقات الملك خالد - رحمه الله- مع رؤساء الدول فترى الهدايا التذكارية التي أهديت إليه على مدى سنوات حكمه، وكذلك بعض التوجيهات المكتوبة باستقبال الرؤساء والوفود ومجموعة من الصور مع رؤساء الدول، والقاعة الثالثة المسماة قريب من الناس قريب أثير لدى الأصدقاء، فترى الخطابات من بعض المواطنين طلبا للعون والمساعدة، ومن ذلك قصيدة كتبت على شكل نخلة وتجد نفس الخطابات الأصلية التي وجهت إليه حينذاك، والقاعة الرابعة المسماة رجل التقاليد العريقة فيها مجموعة من مقتنيات الصيد وأدواته وصور المقناص الذي كان يخرج إليه -رحمه الله- وفي القاعة الخامسة وتسمى حياته الخاصة، ترى فيها مقتنياته الخاصة عطوره وميضاءته وماكينة الحلاقة وعلب الأدوية، وعلى الطرف الكرسي الذي كان يجلس عليه ورسائل متبادلة بينه وبين زوجته مكتوبة بخط اليد، وهنا تعايش حياة الملك الخاصة معايشة حقيقية لتجد ملامح الطيبة والتواضع في شخصه الكريم، وفي القاعة السادسة نجد الأدعية التي كان يرددها -رحمه الله- إضافة إلى مجموعة من المسابح وعدد من الصحف المهداة إليه، وفي القاعة السابعة إضاءة على عدد من الإنجازات في عهده، ومنها نموذج لباب الكعبة الشريفة الذي أهداه -رحمه الله- لكعبة الله المشرفة حينما علم بتهالك الباب القديم، والحديث هنا لا يكفي ولا يلم بكل مقتنيات المعرض القيمة ولا يغني عن زيارته أبدا، ولقد أحسن المنظمون إيضا في وضع فيلم وثائقي تحدث عن حياة الملك خالد وربط في الأذهان كل هذا التاريخ الطاهر الجميل في القاعات السبع، فاكتملت الصورة واتضحت الرؤية لدى كل زائر للمعرض، إنه معرض جميل ورائع يعد رمزا من رموز العطاء والطيبة والتواضع الذي تميز به حكام هذه البلاد، وهي سيرة عطرة يشترك فيها جميع ولاة أمرنا في هذه البلاد. مجيب الرحمن العمري