الحياة الزوجية رباط مقدس وآية من آيات الله عز وجل فالزوجة هي السكن (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها)، وهي المودة وهي الرحمة (وجعل بينكم مودة ورحمة) وهي الصاحبة بالجنب، وهي كاتمة السر، وهي الحافظة بالغيب هي ما حفظت سوى الوفاء ولا ادخرت سوى الفضائل وهي بكل فخر شرف العفاف أعدت مفخرة المنازل وهي اللباس «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن»، والتعبير القرآني اللطيف الرفيق يصور هذه العلاقة تصويرا موحيا، وكأنما يلتقط الصورة من أعماق القلب وأغوار الحس لتكون حياة هادئة مستقرة مفعمة بالحب والحنان والرومانسية، وهنا تأتي الحياة بيد الإنسان ليعكر المودة والصفو والرحمة فتتغير الحياة بعد راحة وتمل بعد مودة وتتراجع بعد إقبال، فيقل حب الزوج لزوجته، وتتلاعب بالحياة الزوجية أمواج النكد ورياح العكننة، وهنا لا بد من رصد أسباب تغير حب الزوج لزوجته بعد مرور الوقت وتقدم السن، بعد أشهر من حياة رومانسية بلا مشاكل. هنا نضع بين يديك الأسباب ولا نتركك بلا حل، فنرسم بعد رصد الأسباب لوحة مشرقة للعلاج وروشتة بالفيتامينات والمقويات الرومانسية التي تهدأ من العواصف الحياتية والزلازل الزوجية لتعيد لنا البهجة والحياة والصفو، لننهي على نشيد الزوجة المكلومة طال السهاد وأرقت عيني الكوارث والنوازل لما جفاني من أحب وراح تشغله الشواغل يا أيها الزوج الكريم وأيها الحب المواصل ما لي أراك معاندي ومعذبي من غير طائل لم ترع لي صلة الهوى وهجرتني والهجر قاتل فمن أسباب تغير الزوج: 1 - غياب مفهوم الحياة الزوجية. ينتشر بين البعض من الشباب، أن الزوجة هي عبارة عن متاع فقط عبارة عن جسد فقط يعتقد البعض أن الحياة الزوجية خادم (الزوجة) ومخدوم (الزوج) أمير (الزوج) ومأمور (الزوجة) وحاكم (الزوج) ومحكوم (الزوجة). لا يفهم ويستوعب أن الحياة الزوجية شراكة وتوزيع أدوار وأداء مهام وواجبات وحقوق، وهنا عند مخالفة مفهوم الحياة الزوجية الخاطئ لدى الزوج يتزلزل الحب ويتعرض لأعنف الضربات القاضية. 2 - الانتقال من مرحلة الخيال والتمني إلى مرحلة الواقعية والتي تسمى «أزمة التوقعات العالية». كان الزوج يعيش في خيال الكلمات وعذب الآهات، كان يتمنى ويحلم بالزوجة الهادئة المطيعة الحالمة الراقية، وهي بالفعل التي اختارها، ولكن هنا يدخل الواقع فكان لا يراها إلا متجملة متزينة، كان لا يراها إلا معطرة ومهندمة لم يراها أو لم يتوقع أن يرى هذه الزوجة بعمل المنزل ولم يراها بتربية الأبناء ولم يراها منشغلة برضاعة الابن أو تلبيسه وتحميمه، هو مازال يعيش الخيال وفتاة الأحلام، فلم يضع في مخيلته تغيرات الزمن وعوامل التعرية الحياتية وكيميائية الأحداث الأسرية فيقل الحب ويتراجع. 3 - النمطية اليومية للحياة الزوجية. تقع الزوجة في مسألة الروتين اليومي وتكرار شكل الحياة الزوجية فالروتين.. عمل بلا تجديد.. بلا ابتكار.. الروتين.. تنفيذ الأشياء بطريقة واحدة متكررة.. الروتين لا يحتاج لتفكير.. وهو أشبه ما يكون ماكينة تصنع شيئا واحدا فقط.. وهنا يحتاج الزوج لتجديد في الشكل في الديكور حتى في الأحاديث وفي المشاعر، فالروتينية تميت الإحساس والإلف يولد البلادة العاطفية، لأن كل شيء كما هو ساكن كامن فيسكن الحب ويتراجع الإحساس ويتغير الزوج ويثور، وقد تكون الثورة داخلية فيتحول إلى الزوج الصامت والخرس الزوجي. 4 - الخلل في تركة الحب بداية الزواج يحتل قلب الرجل حب الزوجة فقط تفرغ لها يعمل من أجلها يدخل السرور عليها يتفنن في إيقاظ المشاعر، ولكن بعد أشهر عدة يزاحم هذا القلب حبا آخر، شخصا آخر، الابن المولود الجديد الذي طالما انتظر هو، طالما حلم به، فيأخذ المولود جزءا من تركة الحب، وجزءا ليس بالهين من وقت الرجل، وعند عدم انتباه الزوج لتلك القسمة يحدث الانصراف التدريجي عن حب الزوجة والعاطفة الجياشة التي كانت متقدة من قبل. 5 - الرومانسية اللفظية تعود الرجل قبل الزواج على الكلمات الرومانسية الناعمة والمكالمات التليفونية الرقيقة الرقراقة، ومع هذا التعود لم يتعلم ويتدرب على الرومانسية الفعلية، رومانسية الممارسات فيدخل الزوج معترك الحياة الجدية، ويصدم أو بالأجدر تصدم الزوجة بأنه كان كلاما معسولا، كان حرثا في الماء وبناء في الهواء. وللحديث تتمة. * مدرب ومستشار أسري. [email protected]