ربما لا يتوقع الكثير وجود جيل يحاول تكرار الماضي بكل حذافيره في طرق معيشته وتعاطيه للحياة بعيدا عن الحضارة والتقنية، فتجدهم يفضلون حياة الأمية ويستلذون بعيش تفاصيلها ويستطعمون بالسير عكس تيارها. تعيش حياة بدائية في أودية مهجورة بين الجبال منذ أكثر من 40 عاما، وتعتمد على الوسائل البدائية في حياتها اليومية، في ظل زهد رب الأسرة في حياة الرفاه والمدنية واقتناعه بالبقاء مع عائلته في تلك الظروف الحياتية الصعبة. وأفاد مواطنون أن أسرة ابن خماش البدائية التي تسكن وسط وادي الصاعق الجبلي في تهامة القنفذة مكونة من خمسة أفراد، هم، الوالدان اللذان تجاوز عمراهما ال 80 عاما، وابنهما الأكبر ويبلغ من العمر 23 عاما، وشقيقان آخران تراوح عمراهما بين 15 و18 عاما، وجميعهم أميون لم يتلقوا أي تعليم في حياتهم، ولم يحصل على الهوية الوطنية من الأبناء سوى الشقيق الأكبر، فيما لا يمتلك شقيقاه ما يثبت هويتهما. وعلى الرغم من نزوح كافة سكان الوادي منذ فترة زمنية بعيدة إلى القرى والمحافظات القريبة، إلا أن رب هذه الأسرة ما زال يصر على البقاء والسكن بأفراد عائلته وسط سلسلة من الجبال التي لا تتوافر فيها أية وسيلة من وسائل الحياة المدنية، وفي تلك الأماكن الموحشة التي نادرا ما يصلها الناس، وما زالت تعيش ظروفا معيشية قاسية مشابهة لتلك التي تروى عن حياة أجدادنا في السابق، حيث ما زالوا يشعلون النار في الحطب لأغراض الطهي، ويشربون الماء من وسائل التبريد القديمة مثل الزير، ويكتفون بالعلاج الشعبي إذا أصاب أحدهم أي طارئ صحي. ويعاني الأبناء الثلاثة من سوء التغذية، كما يبدون بهيئة رثة، إضافة إلى ملامح الإعياء والإرهاق التي تبدو على وجوههم، حيث يقضون يومهم كاملا في رعي الماشية، فيما يعبر والدهم عن رغبته في أن يعيش أبناؤه كما عاش، وبأنه يريد بقاءهم إلى جانبه لمساعدته في الرعي، ولا يسمح لهم بمغادرة منزلهم المكون من الصفيح والقش، أو الابتعاد عنه مهما كانت الظروف، حتى لو كانوا يرغبون في زيارة أقاربهم.