نعيش في زمن تموج به المتغيرات في كل الاتجاهات وكل جوانب الحياة، فهو زمن التقنيات العالية التي تبدل الحال بحال، ولتلك التقنيات العالية والثورة المعلوماتية الرهيبة أبرز الأثر على واقعنا الاجتماعي، إنها ثورة الاتصالات وتدفق المعلومات حتى أصبح كل شيء في متناول اليد بأبسط الطرق وأقصر السبل. ولهذه الاختراعات والتقنيات العالية ضريبة باهظة وثمن غالٍ فلا ينكر أحد ما أحدثته تلك الاكتشافات المتسارعة من تبديل لواقع الحياة اليومية، ضريبة ندفع ثمنها ماديا وصحيا واجتماعيا وأخلاقيا، ولعل في الشبكة العنكبوتية والبلاك بيري والأيفون والحاسب المحمول خير دليل على ذلك، ففي بادئ الأمر يدفع ثمن شرائها بتلك القيمة لتشكل ميزانية على بعض الجيوب وحملا يعبأ به الكاهل. لتبدأ بعد ذلك رحلة التدقيق بالنظر في الشاشة؛ سواء جهاز نقال أو حاسوب وما يتبع ذلك من ضرر على العيون واتلاف تدريجي للنظر، ناهيك عن الأضرار المترتبة على الجلوس بالساعات أمام تلك التقنيات من آلام في الظهر ونحوه، أما الضرر الأهم فهو الضرر الأخلاقي فكلنا يعلم ما يمكن أن يتم تناقله عبر تقنيات تلك الأجهزة وعبر أثيرها المثير من صور خلاعية ومقاطع مخلة بالآداب بلا رقيب ولا حسيب، ولك أن تتخيل إذا ما كان الجهاز في قبضة مراهق أو مستهتر من الجنسين؛ سواء كان ذكرا أم أنثى. وما يمكن أن يتم استغلاله في عرض صور محارم العباد وابتزاز للفتيات. من خلال لحظة ضعف شيطانية قد تكون عاقبتها دمار أسرة وشتات شمل. وفي سياق الآثار السلبية التي أحدثتها تلك التقنيات العالية نجد العزلة الاجتماعية التي أضحت تحث بظلالها على مجتمعنا، ليعيد استخدامها المفرط تركيبة النسيج الاجتماعي على نحو غير معهود، فتجد داخل البيت وتحت السقف الواحد مجموعة من أفراد الأسرة الواحدة بين متجول بجهاز التحكم الخاص بالتلفاز في فضاء القنوات، وبين ممسك بجهازه النقال متحدثا مع آخر في أطراف المعمورة، وآخر قد انكب على مفاتيح الحاسوب يدردش مع آخر في أقصى الأرض، و هم على أرض المنزل تجمعهم ربما أريكة واحدة ولكن تواصلهم مع بعضهم معدوم تماما. فليت هناك حملات توعية مكثفة تستهدف جيل الناشئة في المقام الأول يعاد من خلالها تثقيف أفراد المجتمع ليصلح من قد انساق منهم خلف ما يهبط إليه من فضاء التقنية. فالإحصاءات لا تبشر بخير، إذ تتزايد نسب الباحثين عن الخلاعة والمواقع المخلة بين مستخدمي الإنترنت في عالمنا العربي والخليجي بصفه خاصة. أتمنى ألا تكون النسبة الأكبر في بلادنا. ياسر أحمد اليوبي مستورة