سعادة رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» الأستاذ محمد التونسي سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: بادئ ذي بدء، يسعدني أن أنوه بالأداء المهني المتميز لصحيفتكم الغراء والحضور الإعلامي البارز في عطاء يتجدد مع قرائها ومحبيها، زادها ثقة ومصداقية. وأشير إلى ما نشر في صحيفتكم الموقرة يوم أمس حول حديث معالي وزير العدل في فعاليات اللقاء الحقوقي الوطني الثاني في غرفة جدة بشأن المطالبة بحصانة المحامي وما تلاه من حديث حول مصطلح الحصانة القضائية، حيث جرى السياق باجتزاء جانب من الحديث أدى إلى حصول شيء من اللبس في النص، أحببت أن أوضح لسعادتكم بأن الوزير ذكر في النص كما نشر في بعض الصحف: «أن مبدأ الحصانة بوجه عام لا تعرفه القوانين إلا في أضيق نطاق، حتى الحصانة القضائية إنما هي في واقع الحال ضمانات الحياد والاستقلال ورعاية هيبة وشرف المهنة في ترتيبات معينة تتخذ عند الاقتضاء، ولم يتضمن النظام النص على مفردة «الحصانة»، والمنظم لم يفته ذلك، بل ضرب عنه صفحا قصدا كما ضربت عنه قوانين السلطة القضائية النظيرة في العديد من دول العالم المتحضرة، لكن قد تحقق بالفعل مفهوم الحصانة من المعنى والسياق في مواد معينة رسخت مبدأ الاستقلال وعدم التأثير على القضاء والقضاة، كما أكدت على أهمية الحفاوة بشرف المهنة». وتابع معاليه نصا: «بأن التوسع في هذه المفردة أخذ سياقا غير مقر في الدراسات الحقوقية المتعمقة، ولا أعتقد أن مختصا سواء في القانون الإداري أو القانون الدستوري يستخدم هذه الكلمة وفق توسعها الحالي الذي أخذ طابعا إعلاميا عاما تداولته الألسنة والأقلام ولا سند له من الرصيد الحقوقي عند التحقق والتأمل، وعندما أرجع في هذا إلى القانون الإداري والقانون الدستوري فلأن هذه المفردة التي تستخدم على نطاق واسع، وأحيانا بأقلام تنتسب للفقه الشرعي لا وجود لها في سياقها ولفظها المعاصر في أي من إرثنا الشرعي، ولم يتحدث عنها إلا القانونيون ليس كمفردة مجردة إنما بدلالاتها القانونية وفق وضعها الصحيح، وإن كانت ضماناتها وفق إطار معين لا مطلق على نحو ما ذكرته قبل قليل تدل له نصوص الشريعة التي لم تترك مصلحة إلا ودلت عليها، ولا مفسدة إلا وحذرت منها، والشريعة لا تعفي أحدا ولا تحصنه من العقوبة الدنيوية تحت أي ظرف متى لزمته شرعا، ولا يمنع هذا من ترتيب أسلوب المحاسبة بما يليق بسمعة العمل المهني، لكن لا بد من نفاذها». وأضاف قائلا: «يكفي أن القاضي والمحامي السعودي يتمتعان بالحصانة الحقيقية وهي حصانة الشريعة التي يتشرف كل منهما باعتناقها والعمل بها، والقاضي له ضمانات نظامية خاصة تتعلق بالتفتيش عليه والسؤال عن أعماله القضائية والمحاسبة عند الاقتضاء». وأضاف: «بأنه إذا كانت الحصانة هي الحياد والاستقلال ورعاية شرف المهنة القضائية في التعامل معها من قبل الجميع، خاصة الأجهزة التنفيذية، فهي موجودة في أعلى درجاتها وتسندها أحكام النظام، ولا مشاحة في الاصطلاح». وختم بقوله: «إن قضاء المملكة يمثل الحياد والنزاهة والشرف في أبهى الصور وأصدق المشاهد، وأن هذا لا يستغرب، فالقاضي السعودي يحمل مؤهلا شرعيا، ونشأ في محاضن العفة والنزاهة والطهر والسمت الرفيع، كما هي أخلاقنا الإسلامية، وقد تضلع القاضي طيلة مراحل دراسته المتخصصة بمعين الشريعة وهديها الكريم، وتوشح بجلالها وسمتها وتفاعل معها علما وسلوكا وعملا». وفيما يخص ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول ما نشر عن بعض أعضاء السلك القضائي في المدينةالمنورة فإنه بالاستطلاع، الوزير قال: «إن المجلس الأعلى للقضاء أوضح في هذا بيانا يجب الاكتفاء به واحترامه، فهو من مصدر مسؤول ومختص بتلقي أمثال هذه الشكاوى، وأطلب من الجميع تحري الدقة والتحفظ، ولاسيما عند الحديث عن أعضاء السلطة القضائية، فهم حملة ميزان العدالة في الفصل بين الناس، وقد برهنوا على قدرتهم في القيام بمسؤوليتها على أكمل وجه، وميزة قضاء المملكة المتمثل في نزاهته وحياده واستقلاله في قضائه نابع من القيم الشرعية التي يطبقها. والمطلوب أن يعي الجميع خطورة تداول هذا الأمر الكبير، خاصة في وسائل الإعلام، وستصدر الوزارة إن شاء الله إيضاحا تفصيليا في مثل هذه التجاوزات على سمعة القضاة».. انتهى. لذا آمل نشر هذا الإيضاح في مكان بارز، مع التقدير البالغ لجهدكم المتميز وجهد الأخ الزميل المحرر، ودوما ما يثبت ثراء الاجتهاد وإن حصل التعقب على بعضه حجم العطاء المهني وزخمه الكبير، وهو ما تجلى في صحيفتكم الغراء، مقدرا تقبلكم نشر المزيد من الإيضاح ضمن هذا السياق، وإن لم ينشر في صحيفتكم الموقرة، انطلاقا من رحابتكم وصدقية مطبوعتكم، وتعاطيكم الإيجابي فيما يخدم المصلحة، وتقبلوا سعادتكم الكريم أطيب تحياتي وخالص تقديري. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. إبراهيم بن صالح الطيار مدير الإعلام والنشر في وزارة العدل