تتبع عدد من النقاد مسيرة الشاعر طرفة بن العبد، التي خلدت في ذاكرة الأدب العربي رغم أن حياة شاعرها لم تستمر طويلا، واستحضرت الندوة التي شارك فيها أربعة من المهتمين بالنقد والشعر تحت عنوان «شعر طرفة بن العبد» البارحة الأولى، إبداعات الشاعر الجاهلي وحياته المليئة بالقصص المثيرة، حيث عانى طرفة بن العبد من ظلم الأقرباء وهو أشنع ضروب الاستبداد، ولم تمهله المؤامرات التي حيكت ضده كثيرا فمات في ربيع عمره عن 26 عاما، وقتل بوحشية لا لذنب اقترفه سوى إبداعه وإن كان بالهجاء. الندوة التي أقيمت ضمن النشاط الثقافي لمهرجان سوق عكاظ لهذا العام، شارك فيها كل من الدكتور أنور عليان سويلم أستاذ الأدب العربي، والدكتور توفيق محمد الزيدي أستاذ النقد الأدبي في جامعة الزيتونة، والدكتور ظافر الشهري أستاذ الدراسات العليا في جامعة الملك فيصل، فيما أدار الندوة الدكتور محمد الصفراني. وفي بداية الندوة قدم الدكتور الصفراني نبذة عن سوق عكاظ وعن الشاعر طرفة بن العبد، ثم تحدث الدكتور أنور سويلم عن معلقة طرفة بن العبد التي يقول في مطلعها: لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد وقوفا بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلد ووصف الصفراني المعلقة بأنها من أشد المعلقات إبداعا وأعظمها تأثيرا، وقال: إن الجاهليين أعجبوا بهذه القصيدة ومنهم لبيد بن ربيعة والأعشى وحتى الشاعر جرير الذي عاش في صدر الإسلام. وأضاف: إن الدراسات النقدية التي تناولت هذه القصيدة أكدت قوتها وروعتها وأن كل دارس كان يجد فيها الجديد. ثم قدم الدكتور توفيق الزيدي دراسة عن شعر طرفة بن العبد تحدث فيها عن اختلاف النقاد حول سيرة الشاعر واختلافهم على نسبة بعض أشعاره إليه. وسلط الدكتور ظافر الشهري الضوء على حياة الشاعر من طفولته إلى مماته في دراسة بعنوان «طرفة بن العبد مأساة الطفولة ونرجسية الشباب»، أوضح فيها تأثير طفولة الشاعر ومعاناته خلالها على شعره وحياته في شبابه، مبينا أن جميع النقاد أجمعوا على أن طرفة من أفضل شعراء المعلقات، بل عد كثير منهم معلقته أفضل المعلقات. الشاعر الجاهلي الذي سقط ضحية لخلاف شخصي مع الملك عمرو بن هند، أثار العديد من مداخلات حضور الندوة بعد أن فتح المجال لأسئلة الحضور، وكان أغلب الأسئلة يدور عن الملابسات التي طرحها نقاد الأدب العربي حول حياة طرفة بن العبد وأشعاره، غير أن الندوة كشفت عن قرب طرفة بن العبد من جماهير الشعر ومحبي الأدب، الذين لم تستطع القرون طمسه من ذاكرتهم، حيث إن قصة قتله جعلت الجمهور يزداد حبا له، خصوصا وأن الرواية حول موته والتي تفيد بأنه حمل الكتاب الذي يحوي أمرا بقتله، تدل على مدى عزة النفس والثقة التي كان طرفة يتمتع بها، وإن كانت في آخر الأمر، سبب مقتله.