يعاني المجتمع السعودي تحديدا، ومن بعده المجتمعات العربية بشكل عام من مشكلة العنوسة والطلاق، وفوقهما مشكلة البطالة النسائية منها والرجالية. يعني باختصار قنبلة موقوته تحدث عنها كثيرون، ولم نجد حلا حتى الآن، بل ما حدث هو العكس، السخرية من الوضع واتخاذه مادة للتسلية. فعندما تطالع ما نقدمه من أعمال تلفزيونية في رمضان، ستجدها من شقين، برامج دينية تردد نفس القصص والحكايا القديمة، وبرامج ساخرة تخبرنا عن مشكلة نسائنا دون أن تقدم حلا. فمن برنامج المرأة التي تبحث عن زوج إلى الزوج الذي لا يكف عن الزواج، مرورا بالزوجات المرعوبات من ابتعاد رجالهن، كلها أعمال تدور حول موضوع الشريك والحاجة إلى الرجل، بطريقة ساخرة ساذجة لا تراعي شعور ملايين الفتيات العربيات الوحيدات من المحيط إلى الخليج. في رمضان، تتجمع العائلة أمام التلفزيون أكثر من أي وقت في العام، وهي فرصة لإعطاء جرعات من أية مادة إعلامية أو إعلانية. وبدلا من أن تستغل القنوات تلك المناسبة لتقديم الحلول لمشكلة عويصة مثل العنوسة، إذا بها تطرحها في أسلوب فيه امتهان وإسفاف لا تستحقه المرأة. من يكتب تلك الأعمال رجال، ومن يخرجها رجال، ومن يسوقها رجال، ومن يشتريها ويعرضها رجال، وهؤلاء الرجال لا يفهمون الألم الذي يسببونه للمرأة وهم يتلاعبون بمشاعرها، ويقدمون قضية حساسة بالنسبة لها بطريقة مهينة لا تقدم حلا بقدر ما تنكأ جرحا. والمرأة من جانبها ساكنة مستسلمة تتلقى بصمت مهانة وراء أخرى، يمنعها ضعفها المصطنع من اتخاذ موقف رافض. اعجبتني عبارة لكاتبة أمريكية تنصح فيها المرأة عندما يهينها الرجل: أديري له ظهرك وارحلي، لكن لا تأخذي معك الغضب منه بل خذي منه كل شيء. هي ليست دعوى تحريضية تلك التي أنادي بها، بل منبه يوقض في المرأة كبرياءها الذي ينبغي له أن يرفض مهانة تسويق قضيتها وعواطفها ومشاعرها بحثا عن المرح والفكاهة لا أكثر. في قناعتي أن قضية المرأة في المجتمع العربي لا تزال حتى الآن شأنا ثانويا، بل أعتقد أنه أصبح أقل ثانوية مما كان، خاصة أن أقصى ما تفتقت عنه الذهنية الذكورية العربية هو ابتكار مسرح دائم، على خشبته امرأة تبكي وحدتها، والحضور رجال يتسلون ببكائها ويقهقون من آلامها. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة