يعاني معظم إخواننا الكتاب الصحافيين من بعض الأوهام التي تفقد الأغرار منهم الاتزان وتجعلهم يظنون أنهم أصبحوا بالنسبة لقرائهم شيئا لا غنى عنه مثل الماء والهواء! فإذا غاب بعضهم طوعا أو كرها عن زاويته الصحافية التي يكتب فيها توقع أن تصله اتصالات لا تنقطع تستفسر عن سبب غيابه المفاجئ، فإن لم يحصل ما توقع عاد للكتابة زاعما أنه يعود إليها على الرغم من ظروفه الصعبة بناء على إلحاح قرائه، وربما ذكر ذلك لمن حوله فيجاملونه بكلمة يطيبون بها خاطره فيما يقول لسان حالهم. نحن الذين حولك لم نسأل عنك فكيف تزعم أن الدنيا قامت ولم تقعد حتى عدت للكتابة !؟ ومن الكتاب من يصاب بجنون العظمة إذا ما كتب مقالا فتلقى اتصالا من مسؤول بمرتبة وزير وجد لديه فسحة من الوقت لمجاملة الكاتب ومناقشته فيما كتبه، فيعلق في اليوم التالي على ذلك الاتصال ويقول فيه: اتصل بي الأخ الوزير !!. لأن ذلك الكاتب يظن أنه أصبح وزيرا أو على الأقل نائب وزير ! ومن الكتاب من يرتاد الأسواق ثم يمشي فيها متبخترا كأنه ديك صغير فإذا نظر بعض المارة إليه شزرا متعجبين من خيلائه، ظن أنها نظرات إعجاب فيزداد خيلاء وبخترة حتى ترتطم قدماه بالرصيف الذي أمامه فيسقط أرضا ويسقط من فوق رأسه عقاله وشماغه فيصبح عندها محل تندر من قبل المارة الذين لا يعرفون عن شخصيته شيئا وإن كان يظن غير ذلك ! ومن أوهام بعض الكتاب أنه يظن أن قلمه السيال، يستطيع به لو رفعه ووضعه أن يرفع من يشاء ويخفض من يشاء، وعلى هذا الأساس يتعامل مع الناس فإن كتب سطرين عن إدارة أو مسؤول قال لهم لقد دعمتكم بما كتبت دعما غير محدود!، وإن لم يجد من جهة ما الاهتمام الذي يرى أنه يستحقه قال لمن حوله: سوف أمسح بهم البلاط !. ومنهم من يكتب زاعما أن رسائل القراء تنهمر على بريده يوميا مثل انهمار المطر حتى أنه يحتاج لمشروع تصريف لها لكيلا تغرق بريدة مثل جدة !. ويبقى من حملة الأحلام قوم ذوو أحلام يدركون الواقع ويتعاملون معه بطريقة مناسبة وينأون بأنفسهم عن المزالق والأوهام وهؤلاء قليل ما هم، ولكن فيهم الخير والبركة ولهم ولأمثالهم التقدير والاحترام !.