أبلغني أحد الأصدقاء بأن ابنه (ساهر) يطالبه بتغيير اسمه، هربا من تنكيت زملائه عليه نتيجة ما أفرزه نظام ساهر المروري من تشاؤم عند ذكر اسمه. وكثير ممن وقع في قبضة نظام (ساهر ) يردد: المرور ساهر وأنا صابر! وقد اكتسب هذا النظام عداوة اجتماعية مبكرة كونه سطا على جيوب المواطنين بصورة غير مسبوقه، فغدت الشوارع مصيدة مخالفات من قبل نقاط التفتيش والمرور السري وأخيرا (ساهر). ومع أننا لا نرفض النظام الساعي إلى خلق حياة آمنة، وتقليل نسب التهور التي تنتج من بعض السائقين جراء السرعة أو الفوضوية أو الاستهتار إلا أن نظام ساهر ظهر بمظهر الجابي أكثر من ظهوره بمظهر المنظم، وقد جاءت رسائله المعممة عبر الجوال محل تندر من قبل النساء اللاتي وصلتهن تلك الرسالة المحفزة لتجديد البيانات بينما هن لا يقدن المركبات، ووجدن في تعميم رسالة المرور نوعا من دور الكمساري في الأفلام العربية عندما يصيح (ورق ورق)، وإدارة المرور أصبحت تصيح بنا عبر رسائل الجوال وفي الشوارع ونقاط التفتيش (ورق مخلفات .. ورق مخالفات) من غير أن تفرق بين من يتلفع شماغه أو تتكوم داخل عباءتها، عدم التفريق هذا حدث عندما أصبحت المسألة متعلقة بتجديد معلومات المواطنين كي تصلهم قسائم المرور إلى غرف نومهم لتأكيد أن المرور ساهر على إزعاجنا حتى وإن دخلنا للنوم! ويبدو أن هذا النظام استفز بعض الشباب بفلاشات كميراته الموزعة أمام إشارات المرور مما حمل (المشاغبين منهم) على دفع عربيات (المقاضي من السوبر ماركات) ودفعها أمام إشارات المرور الحمراء التي لا تفرق بين المزح والجد، فظلت فلاشاتها تلتقط صورا لتلك العربات (القاطعة للإشارة) ولا نعرف على من سوف تسجل مخالفات تلك المشاغبات الشبابية! والخشية أن يتم إلصاقها لصقا بأي سائق كي لا تذهب ومضات فلاشات كاميرا ساهر من غير أن تصطاد فريسة ما! وظهور أي نظام مستحدث توجد به ثغرات بالضرورة، وهذا ما يطلق عليه بالنظام الأعمى (في بعض حالاته) التي يجب تصويبها، و(العمش) في سهرانية ساهر ما يلحق قطاعي الدفاع المدني والهلال الأحمر، فهذا القطاعان هما قطاعان مهمان لنجدة الملهوفين من المواطنين، ويجب عليهما الوصول إلى مواقع الحوادث بأقصى سرعة ممكنة، وقد جرت العادة تسهيل مهمتهما في الطرقات بالإفساح لهما بالعبور وعدم التوقف عند الإشارات المرورية من أجل تحقيق سرعة الإجابة. وبسبب ساهر والنظام المتبع في قطاعي (الدفاع المدني والهلال الأحمر) التزم المسعفون (في القطاعين) التريث عند إشارات المرور كي لا يتحمل السائق مخالفات (ساهر) مما ينتج عنه التأخر في تلبية نداء الاستغاثة. والنظام المتبع الذي أقصده أن سائق سيارة الهلال الأحمر أو الدفاع يتم تسليمه السيارة مع أخذ بياناته الخاصة وعند حصول مخالفة (قطع إشارة مثلا) يقوم السائق بتسديد تلك المخالفات .. وأحد رجال الدفاع المدني يقسم إنه تكبد دفع قيمة ثلاث مخالفات (لشهر واحد) وهو يؤدي دوره الإنساني في إنقاذ أرواح الناس بسبب قطع الإشارات للوصول إلى موقع الحادث في الوقت المناسب. وإزاء هذا يجب أن يحدث تنسيق بين إدارات المرور وقطاعي الدفاع المدني والهلال الأحمر كأن تعطى لإدارة المرور أرقام سيارات الهلال الأحمر والدفاع المدني لكي ترفع المخالفات عن تلك السيارات أو يقوم القطاعان (الدفاع والهلال) بتسديد مخالفات قطع الإشارات لسائقيها المكلفين بأداء مهامهم الإنقاذية، أما أن يتحملها سائق أحد القطاعين فإننا سنجني ثمرة هذا بتأخر وصول سيارات الإنقاذ إلى مواقع الأحداث.