«هذا الرجل مفقود. إذا كنتم تعلمون أين هو فاتصلوا بالقوة الدولية (التي يقودها حلف شمال الأطلسي في كوسوفو) أو الشرطة». هذا ما كتب في تنبيه بشكل لافتة تحمله فريتشا تومانوفيتش التي تبحث عن زوجها منذ إحدى عشرة سنة. فاندريا تومانوفيتش الجراح الذي كان من مسؤولي مستشفى بريشتينا العاصمة الكوسوفية، اختفى في وضح النهار عندما كان في الثانية والستين من عمره، في 24 يونيو (حزيران) 1999 بعد أسبوعين من انتهاء النزاع بين القوات الصربية والانفصاليين الألبان في كوسوفو فيما كانت القوة الدولية (كفور) قد تسلمت مسؤولية هذه المنطقة. وزوج فريتشا هو واحد من 14650 شخصا ما زالوا مفقودين بعد مرور سنوات على النزاعات في كرواتيا (1991 1995) والبوسنة (1992 1995) وفي كوسوفو (1998 1999) بحسب أرقام اللجنة الدولية للصليب الأحمر. فبعد مرور عقد من الزمن على آخر تلك الحروب، ما زالت عائلات في مناطق غرب البلقان تأمل في الحصول على معلومات عن أقرباء لها مفقودين. وهي ترغب فقط في دفنهم والحداد عليهم كما يتوجب. وتتذكر فريتشا آخر محادثة مع زوجها وتروي.. «في ذلك اليوم اتصل بي من المستشفى ليقول إنه عائد إلى البيت وإنه سيعاود الاتصال بعد عشر دقائق». لكن «لا أخبار عنه منذ تلك اللحظة»، كما تؤكد هذه السيدة والدموع تنهمر من عينيها وهي ترتدي السواد، عشية اليوم العالمي للمفقودين اليوم. ولفتت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أن مشكلة المفقودين ما زالت تشكل عائقا كبيرا أمام المصالحة في البلقان وتمنع هذه المنطقة من طي صفحة ماضيها الدامي. ويرى رئيس الوفد الإقليمي للصليب الأحمر في بلغراد بول هنري آرني أن حالات حوالى 15 ألف شخص ما زالوا في عداد المفقودين تؤثر على مائتي ألف على الأقل من أقربائهم الذين ما زالوا يبحثون عنهم. وأوضح ارني «هناك مشكلات سياسية في بعض المناطق لم تتوافر الظروف بعد للتعاون الإقليمي والمصالحة»، وللتذكير بخطورة المشكلة دشنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أخيرا في بلغراد معرضا ونشرت كتابا بعنوان «اخبار عن حياة مفقودين» يروي قصة خمسة عشر شخصا من البلقان فقدوا أفرادا من عائلاتهم في حروب تسعينيات القرن الماضي.