قبل أيام نشرت الصحف إحصائية عن المبالغ المستحصلة من الزكاة خلال السنوات الماضية وتأكيد المسؤولين على أنها لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جدا مما يتوجب تحصيله. وبالتأكيد هذه المعلومة ليست مفاجئة لأننا نعرف كيف أصبحت الذمم واسعة حتى في حقوق الله.. لا أتذكر الآن بدقة آخر رقم تم استحصاله، لكنه كان عدة مليارات ذهبت إلى خزينة الدولة لكي تصرف على الفقراء والمستحقين بواسطة الضمان الاجتماعي.. وهنا لا بد أن أصدقكم القول بأنني فوجئت عندما قمت بإجراء حسبة بسيطة أوصلتني إلى نتيجة، مفادها أن خزينة الدولة لا تتحمل كثيرا من مصاريف الضمان، بمعنى أن أموال الزكاة تمثل نسبة كبيرة حين نعرف المبلغ الإجمالي السنوي الذي تصرفه إدارات الضمان الاجتماعي.. وما يمكن استنتاجه من هذه المعلومة أنه لو تم وضع آليات فعالة لاستحصال الزكاة تمنع التلاعب لكانت كافية لكبح شراسة الفقر والحاجة، أما لو تم دعمها من الدولة فإن الفقر سيكون في أدنى نسبة.. ولكن ثمة إشكالية مهمة حتى لو توفرت الأموال الكافية لسد حاجة كل محتاج في المملكة، هي إشكالية الإدارات المسؤولة عن صرف هذه المبالغ، أي إدارات الضمان الاجتماعي. سمعنا وقرأنا الكثير عن معاناة الناس مع هذه الإدارات، لكن ملفها لم يفتح بجرأة ووضوح كما فتح يوم الإثنين الماضي في لقاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان مع وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للضمان الاجتماعي.. فكما قرأنا في الصحف فإن اللقاء تحول إلى مواجهة ساخنة طرحت كثيرا من المسائل الحساسة والأمور الشائكة في علاقة الضمان الاجتماعي بالمستحقين.. الجمعية لديها ملف ضخم للشكاوى من سوء معاملة الموظفين في فروع الضمان الاجتماعي، ومعاناة المراجعين من الإجراءات المعقدة، وشعور كثير منهم بالانكسار والمهانة عندما يعاملهم بعض الموظفين وكأنهم شحاذون، إضافة إلى القصور في آليات الوصول إلى كثير من المحتاجين الذين لا تمكنهم ظروفهم من الوصول إلى إدارات الضمان. من أجمل ما قرأته في تغطية الصحافة لتلك المواجهة قول نائبة رئيس الجمعية لشؤون الأسرة الدكتورة نورة العجلان: «من حق المواطن في هذا البلد ألا يموت جوعا ولا يعرق ويتعب في الحصول على حقوقه».. ولكن هل تسمح لنا الدكتورة نورة أن نقول لها إن الكثير من الناس لم يعد يهمهم التعب وتصبب العرق، لكن ما يهمهم ويقلقهم أن لا يموتوا جوعا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة