إذا أخذنا المحاكم كجزء من الدوائر الحكومية ذات الوفرة من الموظفين والمراجعين في آن، فإن لشهر رمضان فيها بعض الظواهر التي لا توجد في غيرها من الدوائر الحكومية، فالمراجعون بين طالب ومطلوب، بين مدعٍ يهرع للمحكمة في موعده المحدد وبين مدعى عليه يتلكأ في الحضور في الموعد في الأيام العادية فما بالك في رمضان، لذلك تجد حالة من التذمر من المدعى عليهم بسبب تحديد مواعيد جلساتهم في رمضان. لكن أبرز مظاهر رمضان ما يحصل في المجالس القضائية من أمر يشرح النفس ويجدد الأمل في أن المواسم الدينية ليست مجرد عادات تمر على المسلمين بل لها أثر إذا طبقت معانيها، ومن ذلك ما يحصل في إنهاء الخلافات والوصول إلى حلول لقضايا عويصة أخذت وقتا وجهدا في طريقها للحل، فدائما ما يكثر القضاة من عرض الصلح الذي هو خير بين الطرفين، ويبذلون مساعي حثيثة في سبيل تحصيله، إلا أنهم يفلحون في بعض القضايا، وتنتهي القضايا على أيديهم صلحا، وقد تبوء مساعيهم بالفشل في قضايا أخرى، إلا أن مصادفة عرض بعض القضايا خلال شهر رمضان أسهمت في إنهائها، لما كانت عليه حالة الطرفين من تشبع إيماني بروحانية الشهر العظيم وتذكر للمعاني الكاملة للأخوة والتسامح والصلح والعفو. ومما يتيقنه المتابع لأسباب الشرارة الأولى للخلافات أن أبرزها سوء الظن، الطمع، الغيرة، الحسد، وغيرها من الأسباب التي يهذبها الصيام، وترعاها آداب الشريعة وتخلص النفس من تحكم تلك الأهواء المريضة بها، فإذا كان مقياس بسيط كمقياس رمضان يؤدي بالنفوس إلى حالة غير عادية تختفي فيها لأمراض وتظهر الظواهر الطيبة، فإن مزيد رعاية لجانب الأخلاق في المجتمع تجعل الحالة العامة للناس ترتقي والعلاقات تصفو وتنقشع كثير من سحب الجفاء والعداوة، وهذا ما يلزم له أن يستمر الناس في حالة الترقي الروحاني في كل أيامهم وليس في رمضان فقط، إذ إنه بمجرد نهاية رمضان ستعود الأمور إلى سابق عهدها كما لو كان رمضان مجرد إجازة وليس أداة إصلاح وتغيير. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 274 مسافة ثم الرسالة.