سيظل غازي القصيبي الابن البار لهذا الوطن.. الذي من حقه أن يفاخر بأبنائه من أمثال غازي القصيبي الذين تبوأ مكانة سامقة.. وكان غازي بحق الرجل القضية.. ذلك (الحجر) الذي يحرك رواكد البحيرات الساكنة. عرفت غازي القصيبي إنسانا يفيض نبلا وحبا وذكاء وإشعاعا.. كالمعدن الثمين الغالي وقد كان كذلك.. كان كلما لقينى لا تهدأ عبارته المؤطرة برقة التعبير (أهلا يا أستاذنا) وما أكثرهم أساتذة غازي القصيبي.. وهو يرى الناس دائما بعين طبعه ويصدر عن كنز من المعرفة والمحبة والشموخ.. كان رائعا ومبدعا ونبيلا بكل ما تعني هذه الكلمة.. وكان وطنيا حتى النخاع.. تمرس فى العمل الحكومي تدفع به الثقة الكريمة من كل الملوك الذين عمل تحت مظلتهم.. وزيرا للصناعة والكهرباء ووزيرا للصحة وللمياه وللعمل.. كان غازي القصيبى (السهل الممتنع)، نعم كان قريبا من كل الناس يتعامل مع كبيرهم وصغيرهم.. يشقى بهمومهم ويلتقي بآمالهم.. تلقيت منه رسالة عندما كان وزيرا للصحة يعلق فيها على مقالة لي عن استثمار الأجانب فى مستشفيات الدولة.. والذي يحرم منه المواطنون أتتني الرسالة ترف رفا. غازي القصيبي المبدع الفنان الموهوب: يخطئ كثيرا من يجرد غازي القصيبي من شرنقة الإيمان وعلاقته بربه ثم بوطنه.. غازي القصيبي.. يمتلئ إهابه إيمانا بربه وحبا يغطي كل الوطن ومواطنيه.. ماذا أقول.. ماذا أدع.. فغازي القصيبي حديقة غناء.. غازي القصيبي ديوان مليء بالعبر والحكم وبالإبداع وبالأخبار وبالتناقضات.. غازي باقة من كل هذه، ولكن ما يميزه هو أنه قادر على صياغة المعاني فى روعة وإبداع لا يمتلك هذه القدرة سوى الندرة من الذين آتاهم الله قوة البيان وسحره.. ملأ غازي الدنيا طولا وعرضا وذاع صيته فى الداخل والخارج.. فرض نفسه وارتفعت قامته وهامته تيها وشموخا وكبرياء كان جديرا به.. نعم جمع غازي فى قصيدته حديقة الغروب حياته المكتظة المليئة بالعطاءات المثمرة وجسد من خلالها تجربته كإنسان بعد أن أدركه مرض الموت يقول: هذي حديقة عمري في الغروب.. كما رأيت.. مرعى خريف جائع ضار الطير هاجر.. والأغصان شاحبة والورد أطرق يبكي عهد آذارِ لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي فبين أوراقها تلقاك أخباري ويجسد عمق حبه لبلاده قائلا: ويا بلاداً نذرت العمر.. زهرته لعزها!.. دمت!.. إني حان إبحاري تركت بين رمال البيد أغنيتي وعند شاطئك المسحورِ.. أسماري إن ساءلوك فقولي: لم أبع قلمي ولم أدنس بسوق الزيف أفكاري وإن مضيت.. فقولي: لم يكن بطلا وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري رحمك الله ياغازى فقد كنت طفلا ومحبوبا وقيثارة تجسد معاناة المعدمين والمسحوقين.. لم تنسهم فى غمرة مسؤولياتك.. وحياتك المشتعلة زهوا وإعجابا من الكثيرين.. مسؤولين وقراء ومحبين.. ويجيب غازى القصيبي على تساؤلات الكثيرين ممن يشككون فى إيمان هذا الرجل من الذين يظلمون الحقيقة كثيرا.. تأخذهم المظاهر وما يطفو على السطح.. يتجلى غازي فى مناجاة ربه قائلا: يا عالم الغيب! ذنبي أنت تعرفه وأنت تعلم إعلاني.. وإسراري وأنت أدرى بإيمانٍ مننت به علي.. ما خدشته كل أوزاري أحببت لقياك.. حسن الظن يشفع لي أيرتجى العفو إلا عند غفار؟ رائع أنت يا غازى.. مؤمن أنت يا غازى.. وهنيئا لك بأن تلقى ربك بهذه الشفافية وهذا التجلي وهذا الارتقاء فى معرفة ربك. رحمك الله أبا سهيل وأسكنك فسيح جناته.. وللوطن ولمواطنيه ولأسرته الصغيرة والكبيرة كل العزاء فى فقدان علم من أعلام هذا الوطن.. لقد ارتحل غازى من دنيانا فى صمت وفى هدوء بعد أن ملأ الدنيا ضجيجا وحراكا مبدعا.. وشغل الناس وأسهم فى كل المناسبات.. كان ترجمانا لمشاعر الإنسان المقهور فى هذا الوطن العربي الكبير من الخليج إلى المحيط.. لم يغادر مناسبة دامية إلا وجسدها بحبر دمه.. كان غازى الرجل القضية بحق.. ومع إيماننا بقضاء الله وقدره.. إلا أننا من حقنا أن نقول.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا غازي لمحزونون. وحسبي الله ونعم الوكيل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة