إن المضمون الحقيقي لشهر رمضان هو هو في أي زمان وفي أي مكان وهو عبادة الصوم أو التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بعدم الأكل والشرب والجماع واقتراف المحرمات كالغيبة والنميمة وشهادة الزور والشتم والسب خلال نهار رمضان، يبقى بعد ذلك كيف حال الشعوب الإسلامية مع رمضان من حيث عاداتها وتقاليدها ونكهاتها الاجتماعية واليوم معظم المدن الإسلامية في هذا الأمر تختلف اختلافا كبيرا عن القرى والهجر، فبينما القرى والهجر لا تزال تستأنس برمضان زيارات الأقارب والجيران والمسحراتي والمدفع والفانوس والنوم المبكر يستقبل أهل المدن رمضان بالفضائيات والأسواق والزحمة والمقاهي الإلكترونية والنوم المتأخر إلى الفجر ويبقى رمضان هنا وهنا أيامه خير ولياليه منيرة، حيث الصلاة والعبادة وقراءة القرآن والصدقة وتوجه الروح إلى مزيد من النفحات الربانية والتي تستهل بعشرة أيام أولى كلها رحمة وعشرة أيام وسطى هي مغفرة وعشرة أيام أخيرة عتق من النار، كما ورد بذلك الحديث الصحيح والتعرض لهذه النفحات يحقق السعادة والراحة النفسية فالرحمة شاملة والمغفرة ماحية والعتق من النار فوز أخروي وأود بهذه المناسبة الكريمة أن أشير إلى بعض الملاحظات: - أن هذا الشهر «رباني» أي أن المتكفل بنفحاته و عطاءاته هو الله سبحانه وتعالى فهو مما تتداوى به الروح وتطيب به النفوس عبر حاجتين هي من خصائصه أولاهما إجابة الدعاء كما قال عليه السلام «للصائم دعوة لا ترد عند فطره»، وثانيتهما الفرح كما قال عليه السلام «للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه». - إن مما يتصف به صيام شهر رمضان بأنه ميسر وسهل لقوله تعالى «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر». ذلك في حكم من يطيقه، أما من لا يطيقه ويشق عليه فقد أذن الله له بالإفطار ويقوم مقام ذلك الإطعام وفصل الشرع لكل حالة ما يجب فيها، والذي ساعد على أن يكون الصيام ميسرا وسهلا هو الأخذ بسنة السحور لقوله عليه السلام «تسحروا فإن في السحور بركة» مما يجعل الجسم محافظا على الناحية الفسيولوجية طول اليوم فيخفف وطأة الجوع التي قد تسبب الصداع. - شهر رمضان هو شهر القرآن، لذلك مجيئه مرة في العام يذكر بقراءة القرآن الكريم حفظا وتفسيرا ومراجعة وفيما يرويه مسلم عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه»، ويتبع ذلك في كون رمضان بينات من الهدى والفرقان، فخلاله كانت أحداث تاريخية ومعارك إسلامية جاء ذكرها في القرآن الكريم والسيرة النبوية العطرة. - إن أحد أهداف الصوم تحسين الصحة العامة على أكبر جهازين في الجسم الهضمي الذي يعاني طوال العام نهارا وليلا من التشغيل الذاتي والجهاز العصبي الذي يرتبط بجميع أجهزة الجسم ويوجهها ويعمل الصوم على تهدئتها وتكون انعكاسات الصوم إيجابية على النواحي النفسية والعاطفية، فالصوم طريق للصحة وقاية وعلاجا. - إن رمضان بحاجة إلى تنقية أجوائه مما يعلق به من شوائب تفسد نقاءه وصفاءه خاصة بعض ما تعرضه الفضائيات مما يكون عميقا في خدش الحياء فتجرح بذلك كرامة هذا الشهر الكريم لأنه شهر أيامه خير ولياليه منيرة بكل ما يرضي الله سبحانه وتعالى ويمكن الاستفادة ما أمكن من المسلسلات والبرامج الهادفة، ورمضان هو مدرسة التربية على ترك الذنوب والمعاصي ومن لم يحظ بخير رمضان في الطاعة وتحقيق المغفرة ففي أي شهر يكون؟ - إن هذا الشهر هو شهر التواصل الاجتماعي أقرباء وجيران وزملاء مهنة وعمل ويمتد التواصل فيه اجتماعيا إلى الأيتام والضعفاء والأرامل والمحتاجين ولست أقصد هنا المتسولين المتناثرين في الشوارع والمساجد وعند الإشارات، بل الأسر المستورة التي تقبع في شققها ومنازلها لا يعلم بحالها أحد ويكسرها الحياء من أن تسأل الناس إلحافا. إن بلوغ شهر رمضان نعمة كبرى لأن أنفاس العمر هي ثواني الزمن ودقائقه ورأس مال المسلم هو عمره ورمضان هو موسم لنضج الحسنات وقطف الثمار وتوظيف الروح والنفس والقلب والجسم لأن تستنفد الطاقة في تحصيل كل ما يحقق لها السعادة والمغفرة والرضوان عبر الصيام والقيام وقراءة القرآن والصدقة.. فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 120 مسافة ثم الرسالة