إن الجولة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعقده خلالها ثلاث قمم، كانت ضرورية ولازمة في هذا الوقت الحرج بالذات، إذ لا بد من أن يلتقي الحكماء والعقلاء عندما تصل الأمور إلى احتياجها لحكمة الحكماء وحصافة العقلاء. فالقمة الثنائية في سورية وما توصلت إليه من اتفاق كامل على ضرورة دعم الاستقرار اللبناني وتعزيز التعايش بين طوائفه المختلفة، والتي لا تعدم من يحركها من الداخل أو الخارج لغايات إشعال فتنة تؤذي وتضر بالاستقرار والأمن اللبناني، فيما جاءت القمة الثلاثية في بعبدا التي جمعت خادم الحرمين الشريفين بالرئيس السوري بشار الأسد واللبناني ميشيل سليمان، بعثت في رمزيتها رسائل إلى كل من تحدثه نفسه بالإساءة إلى لبنان من الداخل كان أم من الخارج، من أنه لن يكون ذلك سهلا عليه ولن يجد دعما من أحد. كما أنها أكدت على أن المرجعية الوحيدة في لبنان هي رئاسته الشرعية، وهي التي تعبر عن وحدته الوطنية وعن مصالحه، وهي صاحبة القرار في الحرب والسلم كأية قيادة شرعية. إن القضية الفلسطينية، بشكل عام، وقضية القدس بشكل خاص لم تغب عن قمة دمشق، مثلما لم تغب عن قمة عمان التي جمعت الملك عبد الله الثاني بأخيه خادم الحرمين الشريفين، حيث كانت عمان المحطة الأخيرة التي ارتاح فيها خادم الحرمين الشريفين من رحلة الخير والبركة، ليبحث في عمان مع أخيه الملك عبد الله الثاني القضايا المصيرية الشائكة والمواقف الإسرائيلية المتعنتة، وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي في تهويد القدس العزيزة على الأمة، والعزيزة على الزعيمين الكبيرين. فالقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، تتعرض لأكبر مؤامرة إسرائيلية لانتزاع إسلاميتها وعروبتها منها، وطرد أهلها الأصليين وتوطين المهجرين اليهود القادمين إليها من كل أنحاء العالم، لتحويلها إلى مدينة يهودية خالصة. نعم، بحثت قمة عمان الثنائية هذه المسألة وكانت القيادتان السعودية والأردنية على توافق تام تجاه القدس خاصة، والقضية الفلسطينية عامة. الرفض التام كان معلنا أمام التعنت الإسرائيلي التوسعي، الذي ما زال يرفض الانصياع إلى الرغبة الدولية والقرارات الشرعية الدولية الهادفة إلى إقامة سلام دائم، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. والمعروف أن القيادتين السعودية والأردنية على توافق تام تجاه هذه القضية تماما، كما هو الحال بالنسبة لمختلف قضايا المنطقة. فالمعروف عن القيادتين الشقيقتين أنهما دائما وفي كل المنعطفات تجدهما في صف واحد وموقف واحد. وأخيرا، نقول إن زيارات خادم الحرمين الشريفين للأردن تحمل دائما الخير لهذا البلد المرابط على أطول خط مواجهة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فإن القيادة السعودية لم ولن تبخل تاريخيا أو حاضرا ولا مستقبلا في دعم صمود الأردن ، بكل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والمالي، فالمملكة هي الشقيقة الكبرى للأردن. * أمين العام اللجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس.