انتشر على مدى العقود الثلاثة الأخيرة في كثير من دول العالم، تسويق وتداول البضائع المقلدة بجميع أشكالها واختلاف ألوانها. وتعد الأدوية المقلدة من تلك البضائع التي تتوفر بطرق كثيرة ومختلفة ما بين شرعية وغير شرعية، ومباشرة وغير مباشرة، وتسربت إلى الأسواق العالمية بجميع الطرق والوسائل، وفرضت وجودها حتى وصل الأمر إلى وجودها بشكل واضح في أغلب دول العالم، ولما لهذه المنتوجات المقلدة من تأثير سلبي كبير على الصحة العامة والاقتصاد الوطني وكذلك العالمي. حول خطورة الأدوية المقلدة، قال مدير عام الصيدليات في مستشفى الحرس الوطني في جدة الدكتور هاني الحمدان: إن الأدوية المقلدة، منتشرة في كثير من دول العالم، وللأسف لا تمت للأدوية بصلة إلا من حيث الشكل الخارجي فقط، حيث إنها لا تحتوي على المادة الفعالة التي يرجى منها التأثير الإيجابي المطلوب. بودرة النشا وأشار إلى أن الكثير من الأدوية المقلدة تحتوي على بودرة النشا كبديل، وهذا الاختلاف البسيط شكل له تأثيرا كبيرا جدا وانعكاسا سلبيا عظيما على صحة أي مجتمع تتسرب إليه هذه القنابل الموقوتة، فعلى سبيل المثال الأدوية المقلدة للمضادات الحيوية لن تقوم بعملها المفترض بقتل الجرثومة المسببة للمرض، والأسوأ من ذلك أنها تعطي تلك الجرثومة فرصة لتكوين مناعة ضد المضاد الحيوي الأصلي، وهو ما يعني انتشار هذه الجرثومة في المجتمع، وخسارة هذا المضاد لعلاج مثل هذه الجرثومة عندما تصيب آخرين في ذلك المجتمع. ولفت الحمدان إلى أن هذه المشكلة قد تتسرب إلى مجتمعات أخرى، عندما ينتقل مريض مصاب بها إلى مجتمع آخر مما يسبب انتشار هذه المعضلة الكبرى على نطاق أوسع، على المستوى العالمي. ونوه إلى أن المضادات الحيوية تعاني من الضعف المتراكم بسبب ثورة المناعة المتزايدة لدى الجراثيم المسببة للأمراض، والتي للأسف قد تقضي على المرضى المصابين بها إن فشلت المضادات الحيوية في قتلها وتخليص أجسامهم منها، مما يهدد بتجدد ظهور طاعون بشري حديث. ومثل الحمدان بعلاج ضغط الدم والسكري وما يحتمله فشل مثل هذه الأدوية في تأدية مفعولها المطلوب من انتكاسات صحية للمرضى الذين يعانون من بعض هذه الأمراض أو جميعها، قد تؤدي إلى الوفاة أو تدهور صحتهم والحاجة إلى إدخالهم المستشفيات على أقل تقدير لإعادة التوازن لحالاتهم. وشدد الحمدان على أن العصابات التي تقوم بتصنيع تلك الأدوية وتوزيعها، تحرص على تقليد الأصناف الأكثر مبيعا في أي مجتمع، والأعلى كلفة لضمان الإقبال والربح، كأدوية علاج الملاريا والإيدز في أفريقيا على سبيل المثال، وهو ما يعني استشراء تبعات هذه الكارثة في المجتمع المستهدف بشكل مخيف. وأكد الحمدان، أن هناك خطورة كبيرة للأدوية المقلدة على المخ، موضحا أن أي مركب غير طبيعي يدخل إلى جسم الإنسان بكميات علاجية كبيرة، يؤدي حتما إلى تلف خلايا المخ، إضافة إلى تدهور سريع في الصحة العامة. ويتفق استشاري طب الأسرة والمجتمع في صحة جدة الدكتور خالد عبيد باواكد، مع رأي الدكتور الحمدان حول خطورة الأدوية المقلدة، مبينا أن هيئة الرقابة الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي تتخذ من فيينا مقرا لها، أصدرت دراسة تفيد بأن هناك نموا في الطلب على العقاقير المزيفة أو الرخيصة التي تباع عن طريق الإنترنت، وهذه الأدوية وفقا للتقرير «لا تقتل الأوجاع ولكنها تقتل المرضى». وأضاف باواكد، إن التقرير أوضح أن تدفق هذه الأدوية إلى الدول النامية كبير، بل إنه في بعض هذه الدول تفوق نسبة الأدوية المزيفة أكثر من 50 في المائة من الأدوية الأصلية، كما أن تجارة الأدوية تشكل جزءا من شبكة تجارة عالمية غير قانونية، أو قد تكون من صنع محلي. باواكد أكد أن شراء الأدوية والعقاقير عبر الإنترنت محفوف بالمخاطر، وخصوصا تلك الأدوية التي تدعو إلى تخسيس الوزن والرشاقة وعلاج الأمراض المستعصية، وخير نصيحة في هذا الجانب التعامل مع الأطباء وأخذ العلاج الصحيح القائم على البراهين.