وجد الممثل الكوميدي الشهير والخفيف الدم «سمير غانم» أن الضحك هذه الأيام صار رسالة مهمة خاصة أننا نعيش على أحزان متوالية لا تنتهي وإذا توقفت لبعض الوقت يخترع لها المكتئبون مصائب من هنا وهناك. لذلك لم يتردد عن القول في إحدى المقابلات معه بأنه «يركز بقدر الإمكان على الضحك واعتبره الهدف الأول لأننى أعتبر الضحك في حد ذاته رسالة عظيمة في الأيام الحالية التي تفتح فيها التلفزيون فتجد أشياء تدعو للأسى، فلا تبدأ نشرة الأخبار إلا بقتل أو انفجار أو ذبح أو اختطاف فأنت بحاجة إلى ضحكة وابتسامة لتستطيع أن تكمل حياتك ومن خلال هذا الضحك لو استطعت أن تضع مضمونا أو رسالة غير مباشرة فإن الجمهور سيتقبلها على الفور، ولا أحب أن أصعد على خشبة المسرح لأعطي الجمهور نصائح أو شعارات». هل في هذا الكلام أى شيء غلط ؟ بالعكس أعتقد أن «غانم» يتحدث عن الكثير من الناس الذين شبعوا من الدموع والكوارث ونسوا في غمرتها الضحكة الصافية من القلب وحتى الابتسامة البريئة ! لكن من قال إن الشعوب التي تصاب بمشكلات سياسية أو حتى مصائب مع أعدائها تصدر أوامر للناس بعدم الضحك وتتخذ إجراءات صارمة ضد كل من تسول له نفسه أن يفرح ؟ من المؤكد أنه لا توجد هناك قوانين تجرم الضحك ولا دساتير تحرم السعادة. لكن من المؤكد أن هناك بشرا متخصصون عندنا في التحريض على الحزن وإثارته وابتكار أساليب لاستحضاره للناس إذا استطاعوا نسيانه ولو لدقائق. وعندنا كذلك كتائب متفرغة تماما لتحريك وتفعيل عميلة الأحزان والإبداع فيها، والتفتيش عنها في أي مكان وزمان وتكبير دموع طفل صغير فقد حلوى في الطريق إلى قضية خطيرة تستحق عليها الأمة كلها أن تنثر أنهارا من الدموع عليها وتستدر الكثير من الآهات والحسرات والعبرات حولها.. بل لدينا الحمد لله جيوش جرارة متخصصة في الندب واللطم والصياح والعويل وتحويلنا من شعوب تحب الحياة إلى شعوب تحب الموت وتعشق الحزن وتكره الفرح والضحك، وإذا وجدت أحدا يضحك في الطريق اعتبرته مجنونا يستحق إيداعه في مستشفى المجانين ! لاحول ولا قوة إلا بالله !. [email protected]