أعرفها جيدا.. فاجأتها الدنيا بوابل من النكبات والمصائب.. المتوالية.. كالطرقات على الرأس.. كلما رفعت رأسها من ضربة حلت الضربة الثانية قبل أن تلتقط أنفاسها المخنوقة من الأولى! ومع ذلك بقيت واقفة لا تشكو لغير الله، كانت تعرف أكثر من باب تستطيع أن تطرقه وتقول: «الحقوني».. لكنها اختارت الصمت والصبر خجلا وإباء.. كرهت التحول من الشموخ إلى التسول.. ورفضت الانكسار رغم أنه يحيطها من كل جانب! وبقيت كالغريق تتخبطه الأمواج مرة يرفع رأسه ومرات يغلبه الموج فيغرق ولا يطفو! مرات كانت إذا عصرتها قبضة الأسى الشائكة واحد فقط بعد الله تلجأ إليه ثم كفت عن اللجوء!! حبا فيه حتى لا تخسره!!... فالمحافظة على الضوء آخر النفق أفضل من البقاء في الظلام بلا أمل!! وكنت أقول لها اطرقي بابه.. كانت تقول.. أثقلت عليه.. فليكن محفوظا في قلبي كما هو دائما قمر السماء أراه وأحلم به وأسعد بنوره ولا يراني ولا يحس بي!! وأخيرا رأت الزواج حلا!! وهذه نكبة الزواج أن يبدأ كحل لمشكلة قائمة، وليس اختيار الحياة دائمة!! أن يكون طوق نجاة ولا يكون إرادة حياة!! أن تراه فرصة ولا تراه أمنية!! أن تركض إليه هربا كالراكض من النار إلى الرمضاء وليس كالراكض من الأشواق إلى الأحضان!!! عرض عليها الحل ووافقت.. اشتراها بالمال وباعت قبل أن تبيعها الظروف بأبخس الأثمان!! بعض النساء الكسيرات يتزوجن هربا من الانكسار ولأنهن بلا مأوى! ولا ولا يتزوجن لأنهن راغبات في هذا الزوج الذي وضعته ظروف المحن... «المنقذ»... بطل اللحظة وليس كل لحظة!!! كالمخرج الذي نلجأ إليه عندما تقفل جميع الأبواب حتى لو كان الخروج منه صعبا ومهددا بالأخطار.. المهم أن نخرج نجازف ونخرج! كالمريض الذي ليس أمامه غير عملية جراحية خطرة إما أن يجريها أو يموت!!! رأيتها وقد ذوت تمشي وكأن على أكتافها حمولا ثقيلة لم تعد كما كانت دائمة الابتسام صامدة في وجه الرياح! سألتها لماذا لا تتراجعين فلا يزال أمامك فرصة.. ردت الموت غرقا أهون من الموت قهرا!! والاختيار بين موتين صعب غير أني أفضل الغرق على استمرار القهر!! في العادة الأيام التي تسبق الزواج السعيد هي أحلى الأيام! في العادة هذه الأيام تنتعش الوجوه نضارة وألقا تشع من العيون ألوان البهجة فانتظار السعد أحلى من السعد نفسه! لكن لأنها رأت فيه... الخلاص وليس الإخلاص شكلها كمن يرقد على فراش المرض منتظرا وفاته!! لدينا البعض يستعمل الزواج كالدواء المر لمعالجة بعض الأوجاع مهما كانت مضاعفاته الجانبية!! لذا الفشل يطاردهم في كل لحظة وقد ينجحون بالبقاء معا لكن بلا لذة!!! وهذه المأساة في الحياة الزوجية أن تستمر ولكن بلا طعم ولا أثر ولا قيمة! المسكينة امرأة يتيمة من سند! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة