ليس بالضرورة أن تلفظ أنفاسك وتغمض عينيك ويتوقف قلبك عن النبض ويتوقف جسدك عن الحركة كي يقال عنك: إنك فارقت الحياة فبيننا الكثير من الموتى ويتحركون ويتحدثون ويأكلون ويشربون ويضحكون لكنهم موتى.. يمارسون الحياة بلا حياة فمفهوم الموت لدى الناس يختلف. فهناك من يشعر بالموت حين يفقد إنسانا عزيزا ويخيل إليه أن الحياة قد انتهت وأن ذلك العزيز حين رحل أغلق أبواب الحياة خلفه.. وأن دوره في الحياة بعده قد انتهى وهناك من يشعر بالموت حين يحاصره الفشل من كل الجهات ويكبله إحساسه بالإحباط عن التقدم فيخيل إليه أن صلاحيته في الحياة قد انتهت وأنه لم يعد فوق الأرض ما يستحق البقاء من أجله.. والبعض.. تتوقف الحياة في عينيه في لحظات الحزن ويظن أنه ليس فوق الأرض من هو أتعس منه فيقسو على نفسه حين يحكم عليها بالموت وينفذ بها حكم الموت بلا تردد وينزع الحياة من قلبه ويعيش بين الآخرين كالميت تماما.. فلم يعد المعنى الوحيد للموت هو الرحيل عن هذه الحياة فهناك من يمارس الموت بطريقة مختلفة ويعيش كل تفاصيل وتضاريس الموت وهو ما زال على قيد الحياة.. فالكثير منا.. يتمنى الموت في لحظات الانكسار ظنا منه أن الموت هو الحل الوحيد. والنهاية السعيدة لسلسلة العذاب لكن.. هل سأل أحدنا نفسه يوما: ترى...ماذا بعد الموت؟