انحسرت مساحة حي الغزة التاريخي (أحد أقدم أحياء مكة القديمة) الواقع في المنطقة المركزية، وبات هذا الحي الذي كان سوقا وملتقى لأهل مكة على مدى 200 عام يواجه الانقراض، ولكنهم اليوم يمرون مرور الكرام لإلقاء النظرة الأخيرة على الحي، بعد أن دكت آليات ومعدات القطع الصخري بنايات الحي لصالح توسعة ساحات الحرم المكي. ولعل من أبرز الحوادث التي ما زالت عالقة في ذاكرة سكان مكة عن حي الغزة، حادثة انهيار فندق على قارعة الطريق الرئيس، قضى فيه 15 حاجا وأصيب 39 آخرون يوم الخامس من ذي الحجة في العام 1426ه، فيما تعد عمارة الجفالي أحد أهم المعالم البارزة في الغزة إلى جوار المسجد الحرام، ومظلة التقاء المتسوقين من سكان مكةالمكرمة وقاصدي بيت الله الحرام، وتقع العمارة في الجزء الشمالي الشرقي من المسجد الحرام وقريبة جدا من الساحة الشرقية للحرم، وبناها إبراهيم الجفالي (رحمه الله) في السبعينيات الهجرية وتتكون من عشرة طوابق تقريبا. وكانت عمارة الجفالي تضم في أدوارها الأرضية محال لبيع الزل والمفارش العجمية، المشالح، الأحذية الجلدية، والحصير، وفيها تباع البسط أو ما يسمى شعبيا بالحنابل، الجلايل، إلى جانب الأشرعة، العباءات، جراب السيوف والمسدسات، وبنادق الصيد، وكانت مقصدا لمن يرغب حياكة المشالح وإصلاح البنادق، فيما تضم الأدوار العلوية عيادات الأطباء من مختلف التخصصات. وإضافة إلى كل ذلك، كانت العمارة مقرا لتحصيل فواتير الكهرباء، حيث كانت شركة الكهرباء تتبع للجفالي المتعهد لخدمة الكهرباء في مكةالمكرمة، ومع هدم سوق الذهب المجاور للمسجد الحرام في سوق الليل قبل سنوات، انتقلت معظم دكاكين السوق إلى عمارة الجفالي وأخذت حيزا كبيرا من الدور الأرضي وبقيت حتى اليوم. وعرفت عمارة الجفالي البناية الأشهر في الغزة أول مصعد في مكةالمكرمة، بعد أن بنيت على موقع قديم يسمى المحروق وكان سجنا للشرطة في مكةالمكرمة.