كثيرا ما تفهم بعض الاصطلاحات والمفاهيم بشكل مغاير لمعناها وربما تفسر عكس ما تنطوي عليه من مدلولات .. الأطمى إذا ما استخدمت بدلالاتها المغلوطة في منظومات العمل. فمثلا مصطلح (التحجيم) تعارف عليه ضمنيا داخل أروقه الإدارات على أنه تصغير أو تهميش الموظف .. وبكلمات أوضح أصبح ذلك المصطلح مرادفا (للتقزيم)، بل بات مؤشرا على عدم الرضى والسخط وربما أداة ووسيلة لمعاقبة الموظف وازدرائه .. ولنقل تطفيشه. واقع الحال أن التحجيم يعني فيما يعني وضع الموظف في إطاره الحقيقي وفق ما لديه من إمكانات، دونما زيادة أو نقصان. وبهذا المفهوم يعتبر التحجيم اصطلاحا علميا وصحيا ومفيدا ليس للمدير بوصفه يملك حق التقييم وحسب بل للموظف أيضا لكونه سيتعرف على حجمه الحقيقي ويعمل بمقتضاه ووفق حدوده. مناسبة هذا الطرح ما لوحظ على الكثير من المديرين استخدام ذلك المفهوم في غير حيزه وخارج نطاقه الصحيح وما يتمخض عن ذلك من تداعيات قد تطال الإدارة برمتها .. وللإيضاح نسوق الأمثلة .. بعض المديرين يتعامل مع موظف ما بأكثر مما يستحق لمجرد أنه حاصل على مؤهل عال، فتجد المدير والحالة تلك يغدق عليه وبإسراف، كمنحه صلاحيات أكبر وحوافز تفوق سقف قدراته، الأمر الذي قد يثير حفيظة زملائه ومن غير المستغرب بل من المتوقع والطبيعي أن الموظف نفسه قد يطاله الزهو بالذات وتتلبسه النرجسية (تضخم الأنا) ما يجعله يتعامل مع زملائه بفوقية وقد ينشغل في أمور أبعد ما تكون عن العمل، فيتضح بما لا يدع مجالا للشك أنه (برق خلب لا مطر يرجى منه) إذ تتكشف رويدا ضآلة قدراته، وربما سلوكياته غير السوية، والتي كانت كامنة، وتعامل المدير غير الموضوعي أظهرها على السطح، ويصبح ذلك الموظف عالة وعبئا على الإدارة. وحتى لو جرده المدير وهذا متوقع فقد يكون ذلك دافعا أكبر لتسيبه وإهماله لإحساسه بالغبن! نعم ذلك الشعور والاستجابة متوقعة كونه اعتاد على ممارسة تلك الصلاحيات والاستحواذ على الحوافز واعتبرها حقوقا مكتسبة وهو جدير بها !. وعلى الجانب الآخر قد يعامل هذا المدير أو غيره من المديرين موظفا ما بأسلوب (التحجيم بالمفهوم المغلوط !) أي يقزمه لمجرد أنه لا يحمل مؤهلا عاليا أي إمكاناته متواضعة رغم أن قدراته قد تكون عالية وربما متميزة.. لكن المؤسف أن تعامل مديره على نحو أقل مما يستحق قد يثبط قدراته ويقلص من طموحاته وتحدياته وأهمها تفوقه على نفسه رغم محدودية إمكاناته وبذلك يكون المدير من هذا النوع قد خسر الاثنين، فالأول منحه أكثر مما يستحق والنتيجة أظهر سلوكيات وترهات ما كان لها أن تظهر بهذا الشكل لولا ذلك التعامل .. والآخر قيمه بأقل مما ينبغي والنتيجة أجهز على قدراته وطموحاته قبل أن تظهر على السطح، ترى كم يخسر المديرون من موظفين جراء ذلك التعامل غير الموضوعي ناهيك عن تبعات ذلك السلبية على مسيرة الموظفين وحراكهم الوظيفي والعملي؟ من هنا تتبدى بجلاء أهمية وجدوى (التحجيم) بمفهومه الحقيقي إذ يجدر بالمدير أن يتوسل ذلك الأسلوب ولايحيد عنه وعلى خلفية ذلك يتعين عليه أن يمنح كل موظف حقه من الصلاحيات والحوافز وفق إمكاناته ولم أقل قدراته لأن الإمكانات (عينية) وجلية كالمؤهلات العلمية والدورات وما شابهها. أما القدرات فهي كامنة فلا تظهر إلا بعد حين كما لاحظنا آنفا وعلى ضوء إمكانات الموظف يوضع في الإطار المناسب، وبعد فترة من المتابعة الدقيقة لا تقل عن ستة أشهر تظهر كوامن الموظف من أداء ومهارات وسلوكيات وربما (إبداعات). وهو ما يعرف بالقدرات. وقتذاك بإمكان المدير أن يحفز من أظهر إنتاجا عاليا وسلوكا حميدا ويعاقب من أظهر العكس على أن يكون ذلك بالتدرج وبموضوعية. أقل ما يقال عن هذا التوجه أنه يحرض جميع الموظفين بلا استثناء لا ستدرار قدراتهم بلا تحفظ وهذا هو المبتغى. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة