يصادفك تعبير عدم الرضا من واقع غناء اليوم بعد كل جلسة استماع أو حديث عن الغناء يجمعك مع أحد «السميعة... اللي همة» ويفوت على كثيرين رغم إيماني القطعي بأن معظم مانصادفه اليوم مجرد مسخ وليس له علاقة بالفن والغناء تحديدا إن لكل جيل غناءه وفنه والأهم من هذا وذاك أن لكل عصر إيقاعه فإيقاع الحياة هو المحرك الرئيسي للعطاء الفني عند الفنان المتعامل مع الموسيقى والمتلقي على حد سواء، فأبناء اليوم يعتقدون أن مايقدم لهم اليوم هو أغنية وفن ولهم مايريدون ونحن أبناء مدارس الفنون بالأمس نرى أن هذا لا يعدو كونه ضربا من العبث ولكل منا رأيه، لكن وبعد قليل جهد تجد أن كلا منا له الحق في إعجابه لما ينسب إلى جيله فمن الطبيعي أن يكون إيقاع الحياة هو المتحكم في دورة الفن التي تسري في شرايين كل عصر لذا فإن إيقاع الحياة المضطربة والمتسارعة في كل مناحيها يجعل الأغنية مجرد كبسولة في الواقع هي إيقاعية وصاخبة مع إيقاع دورة الاقتصاد المتحكم في كل شيء والذي غدا تحديدا هو محور الحياة، ويأتينا المونديال، مؤكداً أن إيقاع السامبا البرازيلي لم يعد له دور اليوم فإيقاع الثيران الإسبانية والابقار الهولندية هو الذي سيشعل الدنيا غدا الاحد في نهائي جنوب افريقيا، نحن أبناء جيل الأمس كنا نستمتع بطرب وليس بأغنية لدرجة أن من يريدك أن تسمعه أغنية يقول لك «هيا أطربني» وكأنك أنت من سيغني وليس من يدير الراديو أو جهاز التسجيل. كنا نستمتع بعطاءات طلال مداح ومحمد عبده وعبد الكريم عبد القادر وعوض الدوخي وعبادي الجوهر وعبد المحسن المهنا ومصطفى أحمد وطارق عبد الحكيم وغازي علي وعبد الله محمد وجميل محمود وغيرهم. وعربيا كنا ننسجم طربا ونأنس بجمال وروعة أم كلثوم ورياض السنباطي وفريد الأطرش وعبد الوهاب وعبد الحليم وفايزة وصباح ونجاة ووردة ووديع ونصري وغيرهم.. حتى أحمد عدوية الذي يعد صوته أجمل وأعذب من كل الناعقين اليوم ولم نكن نستنكر على الجيل الذي سبقنا وهو يستمتع بعطاءات «ثومة» مع زكريا أحمد والقصبجي أي في أغنيات الطرب بالموجة الطويلة والإعادات الطويلة التي كنا نراها هي تحديدا الطرب ويراها أبناء اليوم إملالا مثل الإبداعات المشتركة بين بيرم التونسي وزكريا أحمد في «الأمل» و «حبيبي يسعد أوقاته» وغيرها. الخلاصة لأبناء جيل اليوم إذا وجدوا طريقا للمتعة في غنائهم الراهن فليستمتعوا ولكن أدعوهم فقط أن يكون لهم بعض الوقت الذي يستطيعون اختلاسه من راهنهم اليومي ليعيشوا فنا وإبداعا ومشاعر.. هم بالفعل بحاجة إليها ولكنهم لا يعلمون !! فاصلة ثلاثية قال حكيم : وذي سفه يخاطبني بجهل فآنف أن أكون له مجيبا يزيد سفاهة وأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا