ليس صحيحا أن الرياضة كانت بمنأى عن السياسة، هي إحدى أدواتها الكثيرة، إن كرة القدم أكثر حراكا رياضيا يشغل الأمم بمستوياتها المختلفة (متقدمة ونائية)، حلم شبابي حد الهوس، تحولت هذه (الكرة) لصناعة وتجارة تجلب الاستثمار وتزيد المداخل القومية، هي مدخل سياسي عميق أضحت (المونديالات) محافل دولية (أنظروا للزعامات ورؤساء الدول وكبار الساسة في المنصات)، هوس رياضي أصبح واقعا سياسيا -شاء بلاتر أم أبى-، كما أن كرة القدم أصبحت أحد المكاسب الشرعية التي تستغلها الحكومات في اكتساب شرعيتها أو صرف الأنظار عن المشاكل والسياسات الفاشلة، لقد تربعت كأهداف قومية لبعض الدول مستفيدة من الشعبية التي تحظى بها، خاصة في قطاع الشباب؛ الأكثر فئة في الشعوب. إن دفاع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم عن الرياضة كممارسة، وفصلها عن الدولة وتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في الاتحادات الرياضية (وهم) يحاول تصديره، في ظل واقع تراه الدول شأنا داخليا يؤثر على واقعها اقتصاديا بل حتى قانونيا، كما أن الواقع المتناقض للسيد (بلاتر) يفضح شعار هذا التوجه الاستقلالي، إذ إن الرياضة والسياسة فيها من التداخل ما يجعل سياسات الدول الداخلية تعمل على تقوية مركزها السياسي داخل البلد (خاصة الحزبية منها). كما أن الرياضة والسياسة لا يمكن الفصل بينهما؛ كونهما يوجدان علاقة تبادلية على المستويين الخارجي والداخلي، حتى أن الرياضة لتأتي لتحسين علاقات بين الدول، كما حدث مع بعضها خاصة الحدودية. • إن مونديال جنوب أفريقيا كان أكثر انغماسا في السياسة؛ تحول إلى واقع سياسي متأزم داخليا لبعض البلدان الخاسرة والمغادرة ل(جوهانسبيرج)؛ ابتداء بفرنسا فإيطاليا والبرازيل وأخيرا الأرجنتين، وإن تشكيل لجان برلمانية في تلك الدول للوقوف على المستويات الهزيلة التي قدمتها فرقها في هذا المونديال، هي إحدى الفواصل بين الواقع السياسي المتجاذب مع الرياضة كدول قوية وذات تاريخ ديمقراطي، لذلك يستعصي على (بلاتر) المزايدة عليها مكتفيا بالتصاريح، فيما يمارس قرارات تعسفية مع دول نامية ليست لديها ما تضاده من القوة، وليست نيجيريا أخيرا، وقبلها الكويت واليمن والعراق، بل إن بلاتر يقف عاجزا أمام بعض الدول النامية وإلا فالتشابه واضح لممارسة داخلية لبلدان كثيرة مع همها الرياضي. ••• • اختفت البرازيل وغابت الأرجنتين في مونديال جنوب أفريقيا؛ نتيجة عقلية مدربيه، ف(الفنية البرازيلية) التي يعشقها غالبية محبي الكرة البرازيلية، أضاعتها عقلية (دونغا) معتمدا على نظام قائم على الفريق الواحد بجدار دفاعي، مغيبا المهارات الفردية ومستبعدا نجوما يصنعون الفارق، حتى إنه قال إن اللعب الجميل ليس جزءا من استراتيجيتي، هذه العقلية مارست الانعزال على نجوم (السامبا) نحو شهر دون الاتصال مع الآخر، ما جعل بعض النجوم يتذمرون من حالة الانعزال، (البرازيل) لم يكن مقنعا منذ لقائه الأول أمام كوريا الشمالية، لكن عجزه وقلة حيلة من استعان بهم من اللاعبين كانت واضحة لدرجة الشفقة على الكرة البرازيلية. لقد اعترف (دونغا) بالهزيمة، بل وتحمل مسؤولية الإخفاق، وأوضح أن مهمته كمدرب قد انتهت، إن على البرازيليين أن يعيدوا للعالم السحر الكروي التي افتقدها الفريق، وهذا لن يتأتى إلا بمدرب جديد مشبع بهكذا متعة؛ لكي يغرسها في عيون الجماهير التي لا ترى البرازيليين إلا بهذا السحر. أما الأرجنتين فلقد كان واضحا أن الاقتناع بمارادونا كمدرب لا يصل لمستوى التطلعات، وأنه لا يملك المهنية لكي يوظف النجوم توظيفا حقيقيا يصلهم لمنصات التتويج. إن جل الأرجنتينيين لا يشعرون بالاطمئنان على المنتخب في ظل وجود مارادونا، وإن استمراره لن يكون أكثر من أيام. ••• • يستشعر الأهلاويون أن هناك تغيرا حقيقيا طرأ على الفكر الأهلاوي؛ فبعد زحمة الإداريين (في إدارة الكرة) التي تقلصت بشخصين فقط، هاهم الآن يتخلصون من (اللون الكحلي) الذي تسلل وألبس في شعار الأهلي بطريقة عجيبة. • لست مع من يحكم على قدرات المدرب الجديد لمجرد جنسيته، هذا تخمين استباقي ليس نقدا، وما سيقدمه الفريق في لقاءاته في الدوري هو بداية الحكم وليس الحكم كله، والنتاج دائما ما يكون جماعيا لا فردا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 169 مسافة ثم الرسالة