يتذكر التربوي إبراهيم بن عواض الزايدي رحلته في سلك التعليم بكل تفاصيلها الممتده ل 34 عاما. يقول، وهو يأخذ مكانه بين المتقاعدين إنها «مرت كالطيف». كانت محطته الأولى مدرسة الزود الابتدائية في الطائف، التي التحق بها منذ أن تخرج معلما، ثم انتقل إلى مدرسة الفتح الابتدائية في نفس المدينة وقضى فيها جل حياته العملية، ومنها أحيل إلى التقاعد. اتسمت مسيرته بالإخلاص والبذل المثالية وزينها التقدير الجم المتبادل بينه وبين زملائه، وتجلى كل ذلك في الحفل الخاص الذي أقامته على شرفه أسرة مدرسة الفتح، بعد أن منحها زهرة عمره وعطاءه الممتد. كان الزايدي في هذا الحفل صامتا، لكنه صمت أضفى لمسة وقار على المشهد الذي تزاحم فيه المعلمون والطلاب لتقديم كلمة وفاء وعرفان لزميلهم ومعلمهم الراحل. وفي حفل التكريم كشف زملاء الزايدي عن نقاط القوة التي ميزته عن سواه، فإلى جانب جِده وتفانيه فقد تميز بأنه لم يتغيب يوما واحدا عن عمله طوال سنوات خدمته، ولم يلجأ إلى طلب الحصول على إجازة استثنائية أو اضطرارية، كما أنه لم يضع توقيعه في دفتر الدوام اليومي تحت الخط الأحمر الذي عادة ما يضعه مدير المدرسة لقفل الوقت المخصص لحضور المعلمين. همس إبراهيم، وهو يغادر مكان الحفل، لمدير مدرسته الذي ودعه بكلمة ضافية بالثناء والتقدير، قائلا «إن مغادرتي للمكان الذي أحببته وعشت فيه جزء هام من حياتي كان حزينا، لكن وفاء التكريم أشعرني بأن قيمة الإنسان بما يعمل لا بما يقول، فشكرا لكم جميعا، وسيبقى هذا اليوم محفورا في ذاكرتي بكل شجونه وقسوته». وبنفس الوتيرة من المثالية التي أعطى بها في الميدان التربوي، يواصل الزايدي حياته مع أسرته وفي المسجد الذي يرفع فيه الأذان خمس مرات في اليوم، ولا يخفي دائما بأن لجماعة مسجد الحي المفتونين بصوته الشجي ومواظبته على رفع الأذان في مسجدهم طوال هذه السنوات دون انقطاع، دور مهم في تنظيم شؤون حياته.