أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز نجاح مجموعة ال20 في الاستجابة للأزمة المالية العالمية بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد، ولكنه قال إن الأوضاع الاقتصادية العالمية الهشة تجعل من إعلان النجاح مؤجلا. وقال في كلمة لقادة دول مجموعة ال20 في افتتاح اجتماعها المنعقد في مدينة تورنتو في كندا: إن من المهم أن يكون النمو العالمي أقوى وأكثر توازنا وقدرة على الاستمرار، من خلال تبني إجراءات منسقة من قبل دول المجموعة، وفي الوقت نفسه مراعاة الاحتياجات والظروف الخاصة بكل دولة. إصلاح الأنظمة المالية وشدد على أهمية إصلاح الأنظمة المالية من أجل تفادي وقوع الاقتصاد العالمي في أزمات مماثلة في المستقبل، مشيرا إلى أن تطبيق أنظمة إشرافية ورقابية قوية يعد بديلا أنسب من فرض ضرائب على المؤسسات المالية. وأكد أن قدرة النظام المالي في المملكة على الصمود تعززت على مدار السنوات الماضية، بفضل الإجراءات الصارمة والرقابة الاستباقية، مشيرا إلى أن النظام المصرفي احتفظ بسلامة أوضاعه وبمستويات ربحيته ورسملته المرتفعة، حتى في أعقاب الأزمة العالمية الأخيرة. وأوضح أن المملكة اتخذت عددا من الإجراءات في مجال السياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، ففي مجال المالية العامة، استمرت المملكة في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي، بإنفاق مبلغ 400 مليار دولار أمريكي على مدى خمس سنوات، والذي سبق الإعلان عنه في واشنطن، وهذا الإنفاق يعد من أكبر برامج التحفيز التي أعلنتها دول المجموعة، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، والبرنامج ينفذ حاليا حسب ما هو مخطط له. هذا بالإضافة إلى زيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل المتخصصة لتتمكن من توفير تمويل إضافي للقطاع الخاص وخصوصا المشاريع الكبيرة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة. وأضاف أن المملكة اتخذت أيضا عدة إجراءات في مجال السياسة النقدية والقطاع المالي والتجارة، ما ساعد في الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية وتعزيز أداء الاقتصاد السعودي. أسواق النفط وتطرق الملك عبد الله إلى تطورات أسواق النفط ، فأكد على أن التقلب الشديد في أسعار النفط الذي شهده العالم في العامين الماضيين، تسبب في الإضرار بالبلدان المنتجة وكذلك البلدان المستهلكة. لذلك ينبغي للبلدان المستهلكة أن تنظم الأسواق المالية وأسواق السلع الأولية بصورة أقوى وأكثر فعالية. وشدد على أن المملكة مستمرة في تطبيق سياستها البترولية المتوازنة للمساهمة في استقرار أسواق النفط، ومن ذلك رفعها لطاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل يوميا. وطالب الدول المستهلكة بالتعاون مع الدول المنتجة لضمان استقرار الأسواق، وأمن الطلب والإمدادات لأهمية ذلك لضمان تدفق الاستثمارات المطلوبة في الطاقة الإنتاجية. وقال إن من المهم العمل على تعزيز إمكانيات حصول الدول الفقيرة خاصة على الطاقة من خلال تبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة من أجل الفقراء، إذ إن تعزيز إمكانيات الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة وموثوقة ومعقولة التكلفة يعد أمرا أساسا لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، وألا يتضمن النهج الذي نتبعه في مساندة ودعم التكنولوجيات النظيفة تحاملا أو تحيزا ضد النفط وغيره من أنواع الوقود الأحفوري. دعم الدول الفقيرة وأكد على أهمية دعم الدول النامية وخصوصا الفقيرة والتي تضررت جراء الأزمة، موضحا أن المملكة عملت جهدها على مساعدتها على تخفيف وطأة الأزمة العالمية عليها من خلال زيادة مساعداتها التنموية والإنسانية الثنائية والمتعددة الأطراف، ودعم تعزيز موارد بنوك التنمية الإقليمية والمتعددة الأطراف. ورحب خادم الحرمين الشريفين بالتقدم المحرز بشأن قضايا إصلاح حقوق التصويت ورأس المال في البنك الدولي للإنشاء والتعمير. وبشأن إصلاحات صندوق النقد الدولي، وأكد على أهمية تناول مقترحات الإصلاح كحزمة متكاملة. انتعاش التجارة الدولية وبخصوص قضايا التجارة الدولية، أكد أن استمرار انتعاش التجارة العالمية يعد مطلبا ضروريا للمساهمة في تعجيل وتيرة النمو العالمي، وهذا يتطلب تجنب القيود الحمائية واتخاذ تدابير ملائمة لمساندة التمويل المرتبط بالنشاط التجاري. وفي هذا السياق دعا الدول المتقدمة إلى معالجة دعمها للمنتجات التي تمتلك فيها الدول الفقيرة ميزة نسبية. وأضاف أنه تمشيا مع التزام المملكة بحرية التجارة، فإنها تواصل جهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على مختلف المستويات، كما تواصل تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية. ووجه خادم الحرمين الشريفين شكره للحكومة الكندية على الجهود التي بذلتها في الإعداد والتنظيم لهذه القمة، مشيرا إلى أهمية هذا الاجتماع الذي يأتي بعد اجتماع بتسبيرج، والذي تقرر فيه أن تكون هذه المجموعة المحفل الرئيس للتعاون الاقتصادي الدولي، وهو قرار ينسجم مع التطورات على خريطة الاقتصاد العالمي، ويستجيب للحاجة إلى وجود مجموعة أكثر تمثيلا لاقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. كما ألقي خلال الاجتماع عدد من الكلمات، وجرى بحث الموضوعات المدرجة على جدول أعمال القمة. بعد ذلك، التقطت الصور التذكارية لخادم الحرمين الشريفين وأصحاب الفخامة والدولة قادة دول مجموعة ال20 الاقتصادية. وضم وفد المملكة المشارك في أعمال القمة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر.