في السنوات الأخيرة، جرت سنة في المنشآت الحكومية وغيرها أن تقام حفلات تكريم سنوية يكرم فيها المحالون إلى التقاعد من منسوبي المنشأة، وغالبا ما تلقى خلال تلك الاحتفالات خطب ملأى بكلمات الامتنان والشكر لأولئك المتقاعدين الذين أفنوا زهرة العمر يؤدون واجباتهم في خدمة المنشأة ومراجعيها، فتشرق الوجوه وتنشرح الصدور لهذا البر من المنشأة بمنسوبيها المغادرين. ولكن، بمجرد انتهاء الحفل وعودة المتقاعدين إلى بيوتهم، يتبين لهم أن قد أغلقت في وجوههم كل الأبواب، وقطعت كل صلة تربط بينهم وبين تلك المنشآت التي قضوا عمرا في خدمتها، وأفنوا فيها سنين عديدة بحلوها ومرها. والنتيجة هي أن يطبق على المتقاعد شعور مرير بالخيبة عندما يجد أنه أخرج من دائرة الانتماء إلى المكان الذي ارتبطت به سنوات عمره، وأعطى له ما يستطيع من جهد ووقت، فأضحى فجأة غريبا عنه، كأن لم يكن بينهما شيء، ولم يجمعهما جامع. إن الوفاء لا يقتصر على حفل يقام آخر كل عام تردد فيه خطب لا يجسد معانيها العمل، فالمتقاعدون في حاجة إلى أن يشعروا عمليا أنهم ما زالوا منتمين إلى مؤسساتهم روحيا ومعنويا، حتى وإن لم تعد خطواتهم ترتاد ردهاتها، لكن المنشآت لا يوجد فيها قسم لرعاية متقاعديها ومتابعة أحوالهم وحل مشكلاتهم، بل إنها تفعل العكس من ذلك، فبعض المنشآت التي تقدم لمنسوبيها خدمات مادية عندما يكونون على رأس العمل، سرعان ما تبادر إلى سحب تلك الخدمات منهم بعد التقاعد كتأمين السكن أو بدله، أو التأمين الصحي، أو الحق في تلقي العلاج في المستشفيات الخاصة بالمنشأة نفسها. فمثلا في جامعة الملك سعود، عندما يتقاعد الأستاذ يطلب منه إخلاء المسكن الذي توفره الجامعة لأعضاء هيئة التدريس، ولا يعود يحق له مراجعة عيادة أعضاء هيئة التدريس في المستشفى الجامعي، ومتى احتاج إلى التنويم عومل كأي مريض آخر لا حق له في المعاملة الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، وإذا ذهب إلى مكتبة الجامعة عومل كما يعامل المرتادون للمكتبة من الأغراب غير المنتمين للجامعة. إن وفاء المنشأة الحقيقي لمنسوبيها هو أن تستمر في التعامل معهم كما تتعامل مع غيرهم ممن لا يزالون على رأس العمل، وأن تشعرهم أنها تعترف بجهدهم وتقدر خدماتهم السابقة عمليا، لا مجرد خطب تلاك بالألسن سرعان ما تضيع مع ذرات الهواء. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة