يعتمد النشال على خفة يده، في أعمال النهب والسرقة من المجني عليه مباشرة، وتتم عادة في الأماكن المزدحمة، إلا أن هناك آخرين استخدموا نوعا آخر من النشل وهو «الخطف» ثم الاختفاء عن الأنظار سريعا، كسرقة حقائب النساء والهواتف أثناء السير في الطرقات، والأماكن العامة. وهناك من يستغل التجمعات كحمل الجنازات إلى المقابر، لينفذ مخططه بنشل المعزين والباحثين عن الأجر في تلك اللحظات، بل ووصل النشل إلى المساجد وعلى وجه الخصوص أثناء خروج المصلين. في وضح النهار عبدالله مسعود «40 عاما» موظف، أشار إلى أن لصوص الحقائب والهواتف تفننوا في ابتكار أساليبهم، في وقت لا يتوقعه أحد، ومن المواقف التي يرويها، سرقة هاتف أحد أصدقائه قائلا: استغربت كثيرا من صديقي الذي سرق هاتفه وهو يتحدث فيه، وحين سرد القصة كنت ألومه على عدم حرصه، وكيف أنه سمح لهم بالهرب، وكنت مستبعدا تكرار هذا الموقف معي، حتى تم خطف هاتفي أمام أحد المراكز التجارية، فهؤلاء النشالون يعرفون أين ومتى يداهمون الضحية وبخفة غريبة وسرعة تعجز عن الحراك لمطاردتهم، فهم يختارون الموقع الذي يتيح لهم الاختفاء بسرعة، وبالطبع يدرسون المواقع قبل أن ينفذوا مخططهم. يروي عبد العزيز الزهراني تعرض زوجته للسرقة أثناء سيرهما، من مجموعة خطفت حقيبة يدها واختفوا سريعا، وأضاف: نعاني من هذه المشكلة التي أصبحت تهدد نساءنا، واعتراضهن وسلب ما بحوزتهن من نقود وأجهزة هاتف وغيرها، فمثل هذه الحوادث والقصص تتكرر أمام المراكز التجارية وداخل الأحياء. نشل المعزين ويبدي ناصر الخثعمي استغرابه ممن يمارسون النشل والسرقة في المقابر وأماكن العزاء قائلا: لا أعتقد أن من ينهب المعزين ومن يحملون الجنازة، في قلبه ذرة إنسانية أو مخافة الله، فقبل أشهر كنت في جنازة وبعد دفنه، تفاجأت بأن محفظة نقودي اختفت من جيبي، فذهبت أبحث عنها، ولكن توقفت بعد أن وجدت ما لا يقل عن أربعة أشخاص من المعزين يبحثون عن محفظة نقودهم، عندها أيقنا أن هناك من سرقنا واستغل الموقف داخل المقبرة. في قصة أخرى، يرويها أبو محمد «42 عاما»، قائلا: تعرضت لحادث مروري مع زميل، وبعد تجمع أشخاص لمساعدتنا، كانت المفاجأة في المستشفى، فبعد أن بدأت استجمع قواي اكتشفت أن ساعتي سرقت، وبعد ساعات جاء أقارب زميلي الذي توفي في الحادث، وأخذوا العهدة من المستشفى، وهي ما كان يحمله قبل وفاته، فسألت قريب زميلي، هناك مبلغ خمسة آلاف مع العهدة؟ فقال لا، فأخبرته أنه قبل الحادث بقليل سحب زميلي المبلغ من الصراف، لذلك متأكد أنه في جيبه، وأيقنت بعد ذلك أن من تجمهروا لمساعدتنا بينهم من كان ينوي المساعدة، وبينهم من استغل الموقف لسرقة ضحاياه وإن كانوا أمواتا. تهديد بالسلاح شاكر غلام كريم «سائق لموزين»، يقول: خلال عملي مررت بموقفين جعلاني أكون أكثر حرصا، وأختار زبائني بعناية من خلال نظرتي لهم، فمن أشك في أمره لا أتوقف أبدا، فأول موقف تعرضت له سرقت هاتفي الذي كان بالقرب مني، ولكن بعد أن نزل الزبون من السيارة لم أجد الهاتف، والموقف الآخر هو تهديدي بالسلاح الأبيض من اثنين من الشباب، بعد أن أوصلتهم إلى حي الصفا جنوبجدة، وسلبوا مني مبلغا من المال وهاتفي وإقامتي، فأبلغت الشرطة. أساليب مختلفة يذكر عمرو ربيع «بائع في أحد الأسواق في جدة»، أن السرقات في الأسواق قائمة، خصوصا «أسواق الجوالات»، وآخر ما تعرض له سرقة هاتف من محله يتجاوز سعره 2000 ريال، وفي التفاصيل أن أحدهم دخل إلى المحل وطلب أن أريه بعض الأجهزة وبعد أن اتفقنا على السعر، طلب تحرير فاتورة، وأثناء ذلك فر هاربا بالجهاز خارج المحل، ولم أتمكن من القبض عليه، فقد كان هناك شخص آخر ينتظره في سيارة جاهزة للانطلاق. إبراهيم حداد «بائع آخر» كان في حالة ارتباك شديد، فبينما كان يسير خطف أحدهم الهاتف من يده، إلا أنه أخرج هاتفا آخر وأبلغ الجهات الأمنية. وفي قصة وموقف آخر يرويه أحمد الحاتمي قائلا: جاءني زبون ممن يترددون لتصليح أجهزته وشراء بعض الأشياء، وطلب قبل أيام أن أعطيه بعض الأجهزة حتى يري زوجته في السيارة لتختار واحدا منها، ولثقتي فيه أعطيته الأجهزة التي تتجاوز قيمتها 4000 ريال، ولكنه اختفى ولم يعد حتى اللحظة، وعلى ما يبدو أنه نهج هذا الأسلوب بإيهام أصحاب المحلات أنه زبون دائم حتى ينفذ سرقته. النشل والسرقة المحامي والمستشار القانوني عبد العزيز النقلي يقول: النشل أو السرقة ظاهرة ذات عمق اجتماعي و أخلاقي وقانوني، ومن الضروري بتر هذا الورم الخبيث الذي ينخر المجتمع من الداخل، والذي يحول السرقة إلى فعل طبيعي، ولولا تصدي الجهات المختصة ورجال الأمن لمثل هذه السلوكيات لكانت الأمور أسوأ، ويضيف: لابد من ثقافة مضادة تدافع عن الحق وبذل الجهد والاجتهاد حتى نتجنب هذه السلوكيات المشينة للمجتمع والتي لا تساهم إلا في تخلف القيم والثقافة والمجتمع بشكل عام، وعندما نريد دراسة السرقة، يأتي النشل في أسفل مراكز السرقة، وتقوم بهذا السلوك عناصر من فئات عمرية مختلفة، فالسرقة من حيث العرف عيب، ومن حيث الاجتماع هي عطب أو خلل اجتماعي للعلاقات الاجتماعية، ومن حيث القانون جريمة. حالات فردية الناطق الإعلامي لشرطة محافظة جدة العقيد مسفر الجعيد، حذر من التساهل في حمل المبالغ المالية خاصة في مواقع الزحام وأوقات الذروة، مشيرا إلى أن معدل سرقة حقائب النساء لا يشكل إزعاجا أو ظاهرة، وهي حالات فردية، يرتكبها بعض ضعاف النفوس، يساعدهم في ذلك عدم أخذ المرأة لاحتياطاتها في حمل أشيائها، والمح إلى أن البلاغات ليست عالية وإن تفاوتت نسبتها في أقسام الشرطة، وشدد على ضرورة وجود فاتورة تثبت ملكية الشخص للجهاز عند البيع، بهدف تضييق الخناق على ضعاف النفوس، وطالب بالإبلاغ عن أي ملاحظات سلبية، مؤكدا أن لدى الأجهزة الأمنية القدرة على التعامل الحاسم والسريع مع منغصات أمن المجتمع.