ساءت كثيرا نظرة المجتمع نحو الأطباء، ساءت بعد أن تعددت وتنوعت الأخطاء الطبية في السنوات الأخيرة، وبعد أن كانت صورة الطبيب لدى الكثير من الناس مقترنة على الدوام بخصال وصفات (ملاك الرحمة) أصبحت صورته في الغالب مشوهة وبلا معالم، تشعر من يقترب منها بانقضاء أيامه ودنو أجله أو بعجزه وقلة حيلته، هذا الشعور المؤلم والقاسي، لم تفرضه الحالة الميؤوس منها للمريض، بل عززته بقوة القصص الواقعية للأخطاء الطبية الفظيعة حتى مع أبسط الحالات وأقلها خطورة. أي ثقة ينتظرها الأطباء ومساعدوهم، حين تقرأ عن تلك الحالة التي لم يكن يشتكي المريض فيها إلا من (لحمية) في أنفه تسبب له بعض الآلام البسيطة، وعند العملية (التي نصحه الطبيب بإجرائها) تتم زيادة جرعة (البنج) فيدخل المريض في غيبوبة طويلة تنتهي بوفاته. وأي اطمئنان يمكننا أن نشعر به عندما نستحضر قصة الزوجين اللذين انتظرا كثيرا ولادة طفلهما البكر ليملأ عليهما البيت فرحا وشقاوة، لكن الطبيبة المختصة تخطئ في مهمتها ليخرج الجنين إلى الحياة بشلل كامل لا يرجى شفاؤه. وأي نظرة تفاؤل وأي أمل يحدونا حين نسمع مرارا وتكرارا بأن هناك آلاف الأخطاء الطبية التي ترتكب بحق المرضى يقابلها تعويضات رخيصة لا تعتمد إلا بعد محاكمة طويلة ولا تصرف إلا بعد معاناة واسترحام ومذلة! إنني هنا لا أتحامل على مهنة الطب والمنتمين لها، موضحا للأمانة بأنه ربما يكون الطبيب في بعض الحالات قد اتخذ كل ما لديه من علم وخبرة وراعى كافة الأصول الفنية والمهنية بغرض تحقيق الشفاء، إلا أن جسد المريض لم يستجب للعلاج فجاءت النتيجة بخلاف المتوقع، وأي طبيب مهما كانت خبرته لا يمكنه الالتزام بشفاء المريض وسلامته، كونها مسألة في علم الله عز وجل، وكل ما يجب على الطبيب أو مساعديه الالتزام به بموجب النظام هو بذل عناية يقظة تتفق مع الأصول العلمية والمهنية المتعارف عليها. لكن عدم يقظة الطبيب ومساعديه وإهمالهم، سيتسبب بلا شك في إزهاق روح أو إفساد عضو أو نقل مرض خبيث أو خلافه، لهذا أتمنى من اللجنة الطبية الشرعية تسريع محاكمتهم، على أن تنتهي المحاكمة بالحكم بفرض غرامة كبيرة في الحق العام، إلى جانب الحكم على المستشفى في الحق الخاص بدفع تعويض كبير ومجز ومشمول بالنفاذ المعجل، وأتمنى قبل ذلك كله، إصدار نظام جديد وبديل لنظام مزاولة مهنة الطب البشري ولائحته التنفيذية، والتي تتم المحاكمة بموجبها، لأنها للأسف الشديد مليئة بالثغرات القانونية التي تساعد بشكل كبير على تبرئة المدان، وخسارة المتضرر، وضياع حقوق الإنسان!.