أبرز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حاجة الأمة الإسلامية إلى الاعتصام بالقرآن الكريم، والاشتغال بعلومه، والاهتداء بوسطيته، بعيدا عن مناهج الغلو والجفاء. وشدد خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي ألقاها بالنيابة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة أمس في افتتاح المؤتمر العالمي الأول لتعليم القرآن الكريم «التعليم القرآني .. تكامل وعطاء» في جدة، على تبيان التفسير الصحيح لآيات القرآن، بما يبطل حجج المرجفين، الذين يتهمون ديننا وقرآننا بالتطرف والإرهاب والجمود، مع أنه دين السماحة واليسر والرحمة. وجدد خادم الحرمين الشريفين مواصلة المملكة وحرصها على رعاية المشاريع ودعم المؤسسات التي تهتم بالقرآن الكريم وتحفيظه وتعليمه، مشيرا إلى أن للمملكة قصب السبق في العناية بالقرآن الكريم قراءة، وحفظا، وتدبرا، وعملا. وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين: الجمع المبارك «أرحب بهذا الجمع المبارك من أهل القرآن الكريم وعلمائه، وقد اجتمعوا في بلاد الحرمين الشريفين، مهبط الوحي وقبلة المسلمين، في المؤتمر العالمي الأول لتعليم القرآن الكريم، حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، من تمسك به فاز ونجا، ومن شذ عنه خاب وخسر، لأنه كلام الله الذي «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد». ومن أجل ذلك كانت عناية المسلمين في كل عصورهم بهذا الكتاب الجليل قراءة وحفظا، وتدبرا وعملا، وحرص دولهم ومؤسساتهم على خدمته ونشره. دستورنا القرآن ولقد كان للمملكة العربية السعودية قصب السبق في ذلك ولله الحمد والمنة، حيث أسس الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه هذه الدولة على القرآن الكريم دستورا ومنهاجا، مؤكدا أنه لا عز لنا إلا أن نتمسك بهدي كتاب الله العزيز. وهكذا قامت المملكة العربية السعودية على حب القرآن وتعظيمه واحترام أهله، نعتز ونفتخر بتحكيمنا له، واتباع أوامره واجتناب نواهيه، وبأنه المصدر لقوتنا واستقرارنا وعزتنا. وإيمانا بأهمية الرسالة التي يحملها، حرصت هذه المملكة منذ تأسيسها على خدمة كتاب الله، بطباعة المصحف الشريف، ونشر تراجمه في العالم، وتأسيس الكليات والمعاهد القرآنية، ودعم مدارس تحفيظ القرآن الكريم، التي ينتظم فيها مئات الألوف من أبنائنا وبناتنا، وتأسيس القنوات المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية، لتجويد تلاوته وتدريس علومه، آناء الليل وأطراف النهار. الاعتصام بكتاب الله إن الأمة الإسلامية، وهي تواجه اليوم الكثير من التحديات، أحوج ما تكون إلى الاعتصام بالقرآن الكريم، والاشتغال بعلومه، والاهتداء بوسطيته، بعيدا عن مناهج الغلو والجفاء، فهو الحصن المنيع وحبل النجاة المتين، للأمة الإسلامية من الانحراف والضلال، حيث يقول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما لم تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله»، كما علينا أن نبين التفسير الصحيح لآياته، بما يبطل حجج المرجفين، الذين يتهمون ديننا وقرآننا بالتطرف والإرهاب والجمود، مع أنه دين السماحة واليسر والرحمة. مواصلة الرعاية ولسوف تواصل المملكة العربية السعودية بعون الله وتوفيقه حرصها على رعاية المشاريع ودعم المؤسسات التي تهتم بالقرآن الكريم وتحفيظه وتعليمه، شاكرا لكم ولرابطة العالم الإسلامي والهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم جهودكم المباركة لتحقيق هذه الغاية النبيلة.. وأسال الله لمؤتمركم التوفيق والسداد، وأن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته». منهاج حياة من جانبه، أوضح مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ، أن الله تعالى أنزل كتابه العزيز ليكون هداية ونورا للناس جميعا، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وجعله منهاج حياة، مشيرا إلى أن القرآن يهدي أتباعه إلى السعادة في الدينا والآخرة، مؤكدا أن الرعيل الأول الذين شهدوا نزول القرآن تعلموه وعلموه، خرجوا بهذا القرآن ليضيئوا به الأرض، وينشروه في أرجاء المعمورة، وليعم العدل والإحسان، مبينا أهمية المحافظة على القرآن حفظا، وعلما، وتدبرا. واعتبر آل الشيخ ضعف المسلمين بسبب ضعفهم أمام القرآن، فهو القوة الروحية لهم، وتدارك هذا الضعف بالاهتمام بتعليمه ونشره بين أبناء الأمة لحمايتهم من الأفكار الضالة، والآراء المنحرفة، مطالبا الاستعانة بالخبرات العلمية وإشراك الآراء في تعليم القرآن، داعيا الله أن يحقق المؤتمر أهدافه، خاصة أنه يقام في أرض الحرمين الشريفين، مشيدا برعاية المملكة لهذا المؤتمر، وموجها شكره لولاة الأمر على رعايتهم له، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، والنائب الثاني. تبادل الخبرات وأشار الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركي، إلى أن المؤتمرات القرآنية تتيح الفرصة للمشرفين على المؤسسات القرآنية وحلق التحفيظ للتعارف وتبادل الخبرات والتجارب، التي أثبتت نجاحها في التعليم القرآني، ولتوثيق الصلة في المستقبل من أجل التعاون في هذا المجال، مبينا أن الهيئة تعد واسطة لتحقيق التعارف والتعاون والتكامل مع ما تبذله المؤسسات القرآنية الأخرى من جهود حتى تستطيع مواصلة رسالتها، معربا عن سعادته برعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر، الذي يأتي امتدادا للجهود الذي يبذلها في سبيل ربط المسلمين بكتاب الله عز وجل وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام. ربط الأمة بالقرآن وأعرب المشير عبد الرحمن سوار الذهب عن سعادته والمشاركين برعاية خادم الحرمين الشريفين للمؤتمر، مشيرا إلى أنه نتيجة عمل متواصل في تعليم القرآن الكريم بذلته الهيئة على مدى عشر سنوات من العطاء في أكثر من 65 دولة حول العالم، مبينا أن اجتماع المشرفين في الجمعيات والمؤسسات القرآنية من جميع الدول تحت مظلة واحدة في المملكة يسهم في ربط الأمة بكتاب الله، والنقاش حول تأمين مستقبل حفظة القرآن الكريم حتى لا يضيعوا في دروب الحياة، أو يكونوا عالة على المجتمع. استكمال الخطة وأشار الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الدكتور عبد الله بن علي بصفر إلى أن المؤتمر يأتي تتويجا للجهود المباركة والإنجازات التي حققتها الهيئة في عشر سنوات من عمرها القصير، مؤملا أن ينبثق عن هذا المؤتمر استكمال الخطة الاستراتيجية للهيئة عبر تكوين مجلس عالمي لشيوخ القراء، ليكون مرجعا عالميا لتعليم القرآن الكريم وضبط الإجازات والتسجيلات القرآنية وغير ذلك، موضحا أن رسالة الهيئة خدمة المجتمع الإنساني من خلال تعلم القرآن الكريم حفظا وفهما بعمل مؤسسي متميز.