سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ضبط مشرفي مواقع إلكترونية على علاقة بتنظيمات إرهابية ومحاكمتهم لجنة من 6 جهات حكومية تتتبع الانحرافات عبر الإنترنت.. مدير عام الأمن الفكري في وزارة الداخلية ل"عكاظ":
بينما تؤكد بحوث سعودية متعلقة بالإنترنت أن أقل المواقع حجبا هي مواقع التحريض التي تهدد السلام الاجتماعي بنسبة 4 في المائة، مقابل المواقع الإباحية والإلكترونية الأكثر حجبا بنسبة 96 في المائة، إلا أن مثقفين ومهتمين وصفوا مواقع ومنتديات التحريض بأنها تسعى إلى إثارة الرأي العام وتشق صف المجتمع وتنتهك الحريات وتتعدى على الحقوق بوسائل متعددة، موضحين أنها ليست مؤثرة، إلا أن التخوف يكمن في كونها نارا هادئة تدبر بها مخططات الفتنة التي عانى منها المجتمع طويلا. وطالبوا عبر «عكاظ» بالتصدي لهذه المواقع واجتثاثها من جذورها، حفاظا على كيان المجتمع ونسيجه وحماية له من الأضرار التي تنجم بسببها. ووصفوا هذه المواقع بأنها صحف صفراء تتخذ من حرية التعبير ذريعة لها تحت مزاعم ضالة للوصول إلى أغراض خطيرة، مطالبين بضرورة حجبها وتحديثه منعا لإعادة فتحها بطريقة أخرى، وحتى لا يتأثر المجتمع بأفكارها على المدى البعيد.. فإلى التفاصيل: كشف مدير الإدارة العامة للأمن الفكري في وزارة الداخلية الدكتور عبد الرحمن الهدلق عن لجنة مشكلة من ست جهات حكومية تحجب المواقع الإلكترونية المخلة بالأنظمة وتتعامل معها نظاميا. وأفاد أن اللجنة المخولة بالمتابعة مكونة من جهات حكومية عامة وأخرى متخصصة ضمن وزارات الداخلية، الشؤون الإسلامية، والثقافة والإعلام، مشيرا إلى أن هذه اللجنة تقرر حجب المواقع المخالفة. وأفصح الهدلق عن آلية إغلاق هذه المواقع، حيث يحق للمواطنين الرفع بشكوى عن المواقع المسيئة سواء التكفيرية أو المتطرفة أو الإباحية وغيرها، تحقيقا للتكامل مع الجهات المعنية، فتحال الشكوى إلى لجنة أمنية معنية لاتخاذ القرار بحقها وفق الأنظمة المرعية، فإما أن يتم التفاهم مع صاحب الموقع أو يغلق إذا لم يتفاعل مع الجهات المعنية. وبين الهدلق أن البعض يرى أن إغلاق المواقع فيه نوع من الحد من الحرية، لافتا في الوقت نفسه إلى ضرورة مراعاة الحرية المسؤولة، مشيرا إلى أن كثيرا من المواقع التي تتحدث بنوع من الحرية لا ترعى المسؤولية، موضحا أنه ثبت فائدة إغلاق هذه المواقع التي انخفض عدد زوارها بنسبة 80 في المائة، بتضرر الموقع. وزاد مدير إدارة الأمن الفكري في وزارة الداخلية «نحن لم نمنع المنتقدين بحدود معينة، وعندما يتجاوز النقد إلى أشخاص ومسؤولين كبار في الدولة بدون مبرر وأدلة وشواهد، فإنه يسبب عدم استقرار في الأوضاع الاجتماعية والسياسية». ودعا الهدلق إلى مراعاة المصلحتين العامة والخاصة المتمثلة في دفع الضرر عن الوطن والموقع ذاته بحمايته من الضرر الناجم بسبب الإغلاق. وأوضح الهدلق أن الحجب يشمل مواقع ترويج المخدرات والإباحية ولعب القمار، مشيرا إلى أن إغلاق المواقع المتطرفة لا يشكل نسبة 2 في المائة من المواقع الأخرى. وأكد أن اللجنة المعنية بحجب المواقع المسيئة ترصد باستمرار تحايلا لإعادة فتح المحجوبة منها بعدة طرق أو الاستعانة بمعرفات أخرى لدخولها، إلا أن اللجنة تتصدى لكل هذه المحاولات، موضحا أنه تم حجب مئات من المواقع المتطرفة. وأفصح الهدلق عن استجواب وإيقاف مشرفين على مواقع تكفيرية ومتطرفة وإباحية ثبت عملهم لصالح منظمات متطرفة، وتمت إحالتهم إلى المحاكمة بعد التحقيق معهم. فتاوى تحريضية وصف القاضي في وزارة العدل الدكتور عيسى الغيث هذه المواقع بأنها تسوق فتاوى تحريضية ضد الأفراد والمؤسسات، إضافة إلى مقالات تكفيرية مع مباركة الأعمال الإرهابية، مشيرا إلى أنها تحرر الأخبار بشكل يثير الفتنة في البلد والشغب بين الناس كما تحرض على الإفساد والاعتداء على الغير. وقسم الغيث هذه المواقع إلى ثلاثة أنواع؛ صحف إلكترونية، منتديات حوارية، ومواقع عامة متنوعة، مبينا أنه ورغم قلة مواردها إلا أنها تنشر موادها تحت مزاعم ضالة سواء بدافع الغيرة والاحتساب المزعوم أو بدافع المناصرة المزعومة. وعد القاضي في وزارة العدل المشرفين على هذه المواقع مخالفين لأحكام الشريعة الإسلامية في حقوق الراعي والرعية؛ إذ إنهم يجيزون لأنفسهم النيل من خصومهم بالكذب والبهتان وطرق خبيثة أخرى معتدين على الحقوق العامة والخاصة. واعتبر الغيث أن أصحاب تلك المواقع أصحاب شبهات وشهوات في آن واحد؛ لأن لديهم شبهات فكرية متطرفة من ناحية وشهوات دنيوية تجاه الناس من ناحية أخرى، مبينا أن ما يحصل الآن يذكر بما حصل في بداية القرن الهجري الحالي قبل ثلاثين عاما، حينما بدأت الفئة الضالة بدافع من الحسبة ورغبة الاحتساب وأنشأوا الجماعة السلفية للحسبة ثم تطورت أفكارهم المتطرفة إلى مزيد من التطرف الفكري والميداني، ليصل بهم الأمر إلى اقتحام المسجد الحرام كما هو معروف. حجب المواقع وزاد الغيث «من المعروف أن الدولة يجب عليها بمؤسساتها أن تطبق قوانينها ببث السكينة والمحافظة عليها ومقاومة المثيرين للفتنة والشغب ،سواء بالاكتفاء بحجب مواقعهم كما حصل جزئيا خلال الأشهر الماضية، أو بمحاكمتهم لمخالفة الأنظمة والاعتداء على الحقوق العامة والخاصة». وأضاف: لي على موضوع الحجب ملاحظتان؛ الأولى أنه حجب ناقص من ناحية عدم تحديث حجب الروابط الجديدة لدومينات ونطاقات متجددة، ومن ناحية أخرى أنه لم يشمل مواقع أخرى لا تقل خطورة عن المحجوبة، بل وقد رفع الحجب عن البعض وعاد لسابق عهده في المساعدة على الفتنة والسب والشتم والتشهير للأسف الشديد، ولذا لما حجبت بضعة مواقع مرت الكثير من المناشط الوطنية بسلام وطمأنينة، لأن هناك من يريد أن يفرض رأيه على الوطن والمواطنين وإلا سيثير الشغب والفتنة ويستبيح الحقوق العامة والخاصة، ويجد من يبرر له هذه الضلالات للأسف الشديد. وبين الغيث أن مرتادي هذه المواقع يلجأون إليها كوسيلة سهلة، إذ لا يجدون وسيلة غيرها لتمرير أفكارهم ودعواتهم، موضحا أن إنشاء موقع لا يكلف مبلغا كبيرا، الأمر الذي أسهم في تزايدها بشكل لافت. ودعا الغيث إلى تفعيل أمرين يسهمان في مضادة هذه المواقع، أولهما تنشيط حجبها بشكل فاعل ودائم وتحديث متجدد، وثانيهما فتح الأبواب لاستقبال دعاوى الاحتساب العامة ضد المواقع المتطرفة والدعاوى الخاصة من المعتدى عليهم والمشهر بهم. وذكر الغيث أن إقفال تلك المواقع هو أقل الواجب نحوها، مشيرا إلى أن ذلك لم ينفذ بشكل جيد، فضلا عن وجوب تطبيق نظام مكافحة جرائم المعلوماتية تجاه الجهات والأفراد المخالفين للنظام، داعيا هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات إلى عدم الاكتفاء بحجب المواقع الجنسية دون المواقع المثيرة للفتنة والمعتدية على الحقوق العامة والخاصة. مركز وطني وطرح الغيث في هذا السياق فكرة إنشاء مركز وطني لمكافحة جرائم المعلوماتية، لافتا إلى أنه يملك دراسة كاملة عنه، كما اقترح أن تكون المهمات التي يتولاها المركز؛ السعي في المزيد من التشريعات واللوائح التي تعالج الجرائم المعلوماتية سواء المعتدية على الحقوق العامة أو الخاصة، توعية وتثقيف المجتمع بحقوقه تجاه الجرائم الواقعة عليه، واستقبال جميع الشكاوى والدعاوى الإلكترونية وتبنيها ورفعها لدى جهات التحقيق والمحاكمة وحتى التنفيذ، وفقا للأنظمة واللوائح والتعليمات ذات العلاقة. ولاحظ الغيث أن حجب خمسة مواقع فقط أسهم في بث الطمأنينة في المجتمع، متسائلا: كيف لو تطور ذلك إلى مزيد من المواقع مع بقية الروابط الجديدة لتلك المواقع المحجوبة. وطالب القاضي في وزارة العدل بتفعيل محاكمة مشرفي تلك المواقع، مع فتح الباب للناس بحق المطالبة بحقوقهم تجاهها، إلا أنه يعتبر في ذلك تقصيرا كبيرا، داعيا في الوقت ذاته إلى الوقوف أمام القنوات الفضائية التي تغذي التطرف وتدعو إليه وتبرز كوادره، حتى لا تضيع الجهود؛ لأن التطرف يتوالد ويتطور بآليات إلكترونية. تيار العنف أما الكاتب الصحافي فهد الدغيثر فلاحظ وجود معظم هذه المواقع قبل ظهور التيارات الوطنية التي وقفت ضد العنف والتشدد، مبينا أن بعضها أتى اليوم بنسخة مطورة لموقع قديم عانى من الهجران وتم تغيير المسمى والمعرفات الخاصة به. ونفى الدغيثر أن يكون سبب وجود هذه المواقع ردة فعل لمواقع أخرى، مرجعا السبب في ذلك إلى امتداد نشر ثقافة العنف والتشدد التي بدأت مع المواقع. وأوضح الكاتب الصحافي أن بعض هذه المواقع تم تأسيسها لدعم توجه منظمة القاعدة في حقبة ما قبل أحداث سبتمبر وما لحقها ببضع سنوات، وأنها كانت امتدادا لدعم الحركات الجهادية، مستدركا «أما مواقع بعض العلماء والمشايخ فربما أن تأسيسها أتى لحفظ الفتاوى وتسهيل وصول الناس لها، مع تحفظي على البعض منها لما يحمله من فتاوى تحريضية». ووصف الدغيثر تأثير هذه المواقع على الرأي العام بأنه ملحوظ في فترة ما قبل 11 سبتمبر، مشيرا إلى أنه كان يرتادها أعداد كبيرة من المواطنين والمهتمين. ويتذكر الدغيثر المعرفات التي كانت تمثل الجهات المعتمدة للتحدث عن الجهاد والقاعدة وتنشر بيانات الإرهاب بشكل منضبط وصارم في مواعيد محددة، موضحا أن من أبرز تلك النشرات كان الإصدار الدوري لما يسمى (صوت الجهاد) قبل أن يقع المشرفون على هذه النشرة في قبضة العدالة. وأضاف: كل هذه التفاعلات انقلبت بعد أن تمادت القاعدة في تهورها وتوجهت نحو الوطن لتسفك دماء الأبرياء على أرضه. ظهر حتى من بعض المؤيدين لعمليات القاعدة في الخارج معارضون لما أقدمت عليه هذه المنظمة الإجرامية في الداخل، هذا بالإضافة إلى توالي الضربات الأمنية للمحرضين وبدأت أهمية هذه المواقع تتضاءل، واستمر نهج هذه المواقع بوتيرة مملة وبائسة. وعاب الدغيثر على هذه المواقع الإلكترونية واسعة الانتشار عدم تمكنها من استقطاب بعض المفكرين وحاملي الرؤى والتطلع إلى الغد، فغلب على أصحابها الأوائل التمسك بنفس الأيديولوجيا مثلما غابت عنهم المهنية في التطوير واللحاق بالمتغيرات، مبينا «قد تتغير الأسماء والمعرفات كما أشرت سابقا لكن الفكر لم يتحرك». وأكد الدغيثر أن هذه المواقع لم تعد تحظى بذلك التوهج الذي استمتعت به في تلك السنوات، مرجعا السبب في بقاء بعضها إلى كونها متنفسا لمن ما زال يحلم بدولة (الإمارة الإسلامية) المزعومة، تلك المجموعات الضيقة من المتشددين الذين لا يرون في هذا المجتمع إلا الفساد والعهر كما يزعمون. حرية التعبير ونفى الدغيثر أن يكون الهدف من إنشاء هذه المواقع إبداء حرية التعبير «لا أعتقد أن ما ينشر فيها معبر للرأي الآخر بقدر ما أراه تصفية حسابات، وذلك لاستمرار وجود البذاءة والفجور والسباب والشتم لكل من يخالف نهج كتابهم»، مبينا أن كتاب تلك المواقع تنازلوا عن زمام المبادرة واكتفوا بكتابة مواضيع تأتي فقط كردود أفعال لموضوع كتبه صحافي أو مدير تحرير في صحيفة أو تصريح أدلى به آخر في وسيلة إعلامية. وأكد الدغيثر أن شباب اليوم من القراء تجاوز هذه الأفكار وبدأ ينشغل بمستقبله وتحصيله العلمي، إذ تبدو مسألة مراقبتها أمرا ليس مهما، مرجعا السبب في ذلك إلى أنه تبين للشباب فرص العمل الحقيقية الواعدة التي تتطلب نهجا مغايرا. وأوضح أن انحسار التنظيمات الجهادية التي تتخذ من العنف وسيلة لتحقيق الأهداف أسهم في صرف النظر عن هذه المواقع، كما أن القصص والكرامات التي يختلقها كتاب تلك المواقع وتتلهف لسماعها عقول القراء الشباب، أصبحت لا تنطلي على أحد. وعن دور الحوار في التوصل إلى أرضية مشتركة بين تلك المواقع والمجتمع أفاد الدغيثر بأننا نعيش في مرحلة ما بعد مواقع الحوار، في مواقع (تويتر) و(فيس بوك)، التي تمثل تواصلا تفاعليا جميلا يحمل التنافس والإبداع دون اللجوء للمعرفات المستعارة. الصحافة الصفراء ويرى الكاتب الصحافي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ أن معظم هذه المواقع، تصنف إعلاميا في خانة الصحافة الصفراء، التي تبحث عن الإثارة والتشويش والتحريض والفضائح وشتم المشاهير وسبهم وتجريحهم، وتبتعد في ذات الوقت عن الرصانة والمصداقية. وأوضح آل الشيخ أنه ساعد على نشوء هذه المواقع الناشر والصحافي الأمريكي وليم راندولف هيرست في بدايات القرن الميلادي الماضي في أمريكا، معتبرا أن ما يوجد في الإنترنت الآن نسخة إلكترونية، وربما (متأسلمة)، لصحافة هيرست الصفراء. وبين آل الشيخ أن الهدف من إنشاء هذه المواقع الترويج لبعض الأيديولوجيات والحركات الإسلامية، والدفاع عن معتنقيها، مبينا أنها تشترك مع الصحف الصفراء الغربية في اعتمادها الكذب والتدليس وابتزاز المخالف، أو إسكاته، أو تخويف من تسول له نفسه نقد أو التعرض لشيخ حركي، أو حركة أو تنظيم، فيوصف بأبشع وأحط الأوصاف، لافتا إلى أن المتتبع لهذه المواقع يجد أنها مدارة لخدمة حركة معينة، كالإخوان أو الحركات المتفرعة منها مثل السروريين والقطبيين. لكن آل الشيخ لا يرى لهذه المواقع تأثيرا كبيرا على الرأي العام، مرجعا السبب في ذلك إلى أنها تكتفي بردود الأفعال، ولا تبادر إلى طرح رؤية مغايرة وعميقة ومؤصلة قابلة للتطبيق. أوكار إنترنتية ووصف الكاتب في صحيفة الجزيرة هذه المواقع بأنها أوكار إنترنتية مشبوهة، موضحا أنها تكتفي برد الفعل عن الفعل، مبينا «من رصد الانفتاح في المملكة، واضمحلال صوت التطرف والتشدد شيئا فشيئا، يجد أن تأثيرهم عمليا ضعيف للغاية، هذا ما تثبته الأرقام، فتأثيرهم بالأمس لم يعد مثل اليوم، والمستقبل يؤكد أنهم سينتهون حتما». ووقف آل الشيخ ضد إغلاق هذه المواقع وحجبها، موضحا «دعهم يعبرون عما يعتقدون، ودعهم يشاركون، ودعهم يثرثرون، وفي النهاية لن يصح ويبقى إلا الصحيح، هم يراهنون على الانغلاق والتقوقع، والعالم يسعى بخطى حثيثة نحو الانفتاح والتقارب، ربما أنهم سيسببون في البداية بعض الصداع أو الإزعاج، ولكن يجب أن نتحلى بالصبر والثقة بأن مآلهم إلى مزبلة التاريخ، وثق أنهم في النهاية سيجدون أنفسهم يجدفون ضد التيار وضد عجلة الحضارة، ومن يجدف ضد التيار لا بد أن يجرفه التيار. هذا ما يقوله تاريخ كل الحركات التي تدعو للانغلاق وليس أنا». وزاد آل الشيخ «يجب فقط أن نحترس من الحركات الإرهابية التخريبية، ومن يدعو إلى العنف والقتل، أما من كان سلاحه الكلمة فيجب أن ندافع عن حقه كي يقول ما يؤمن به». وأكد آل الشيخ أنه ضد أن تتولى أية جهة حكومية رقابية كتم الأصوات، والتضييق على هذه المواقع، كي لا يتحولوا إلى العمل تحت الأرض، لافتا إلى أنه «إذا أعطيناهم الفرصة كي يتحدثوا فوق الأرض يكون من السهولة بمكان رصدهم ورقابتهم، أما إذا منعناهم فسيتحولون قطعا إلى العمل تحت الأرض وهنا تصبح المشكلة أكبر». القضايا المستجدة أما الكاتب في صحيفة الحياة حسن بن سالم فاعتبر هذه المواقع والصحف الإلكترونية من أبرز المنابر الإعلامية المهمة التي تسعى وبشكل رئيس إلى ترويج وتسويق الأفكار المتشددة تجاه الموقف من عدد من القضايا الوطنية المستجدة على الساحة كقضية المرأة والاختلاط مثلا، والسعي في تأليب وتهييج أفراد المجتمع تجاه العديد من القرارات الرسمية المتعلقة بها، مبينا أنها تعتمد على تشويه سمعة كثير من المثقفين والإعلاميين من أبناء هذا الوطن المخالفين لهم في تلك القضايا، وذلك من خلال إطلاق عدد من الأوصاف التكفيرية عليهم كوصفهم لهم بالتغريبيين والمنافقين. ولفت ابن سالم إلى الوسائل التي يستخدمها المشرفون على هذه المواقع في خدمة أغراضهم منها، نشر البيانات أو الفتاوى الصوتية أو المكتوبة أو المقالات المتشددة المليئة بألفاظ الشتائم والتهم. ووصف ابن سالم هذه الصحف بأنها تعتمد على التهويل والتضخيم في كثير من الأخبار التي قد لا يقبلها العقل أو المنطق دون مراعاة المهنية أو المصداقية، مشيرا إلى أنها قد تستبيح الكذب وتروج لكثير من الشائعات تجاه كل ما يخالف التوجهات الشرعية لدى المشرفين على تلك الصحف كخبر ردة 30 مبتعثا سعوديا في أمريكا عن الإسلام واعتناقهم للديانة النصرانية والاعتماد في ذلك على رسالة إلكترونية. وشدد الكاتب في صحيفة الحياة على «ضرورة إيجاد رقابة حازمة من قبل القائمين على وزارة الإعلام على هذه المواقع والصحف وذلك لما لها من أثر خطير ومحاسبة القائمين عليها». التحريض على الفتنة واعتبرت الكاتبة حصة آل الشيخ أن «الدافع الرئيس لإنشاء مواقعهم التحريضية على التكفير والفتنة والشغب والكره والخلاف، بسبب أن الإنترنت لغة عصرية سهلة الاستخدام والوصول، ما جعلها الناشر الرسمي لدعوات التكفير والزندقة». ولاحظت آل الشيخ من خلال تتبع تلك المواقع أنها تحمل تأصيل وتجذير الفكر الإرهابي المتطرف صراحة، وما يحمله فكر أصحاب تلك المواقع من استهانة بعقل الإنسان وفردانيته، وانتشار مفردات الكره والاستعداء مثل الزنديق والكافر والفاجرة والعاهرة وغيرها. ورفضت آل الشيخ اعتبار إغلاقها حلا جذريا؛ إذ إن من السهل إنشاء بدائل لها بمسميات مختلفة، داعية في الوقت نفسه إلى تنظيم قانوني، وفرض شروط والتزامات على تلك المواقع، وتحريم ارتيادها، إضافة إلى تجريم نشر الفتاوى التكفيرية والتحريضية المؤدية للفتن والشقاق. وعن فكرة الحوار وجعله وسيلة لحل الإشكالية الموجودة في تلك المواقع، أوضحت آل الشيخ أن ذلك لا يمكن أن يؤتي ثماره ما دام فكر التكفير ساري المفعول، مؤكدة أنه «بالقانون يتسيد الإنسان وتنتشر ثقافة المحبة والأخوة». الجرائم المعلوماتية المحامي والمستشار القانوني يحيى الشهراني أشار إلى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 في 8/3/1428 المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 79 في 7/3/1428، والقاضي بأن «كل فعل يرتكب متضمنا استخدام الحاسب الآلي أو شبكة المعلومات بالمخالفة لأحكام النظام»، حدد في مادته الثانية مجمل أهدافه المتمثلة في المساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع لأوعية المعلومات وحماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة والاقتصاد الوطني. ولفت إلى أن النظام ذاته في مادته السابعة «إنشاء مواقع لمنظمات إرهابية على الشبكة أو أحد أجهزة الحاسب الآلي لتسهيل الاتصال بقيادة تلك المنظمات أو أي من أعضائها أوترويج أفكارها أوتمويلها» حيث حدد عقوبة ارتكاب مثل تلك الأفعال بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات أو الغرامة بما لا يزيد على خمسة ملايين أو بهما معا. وأبان الشهراني أن النظام يجرم أيضا كل من يساعد أو يحرض غيره أو اتفق معه على ارتكاب أية جريمة بالمخالفة لأحكامه، إضافة إلى تجريمه كل من شرع في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في النظام حتى ولو لم يتمكن من إتمام الفعل الذي شرع فيه. وأفاد الشهراني أن تطبيق النظام بدأ منذ تاريخ 26/7/1428، وتم إسناد التحقيق في ذلك الى هيئة التحقيق والادعاء العام، كما أسندت اختصاص النظر القضائي إلى المحاكم الجزائية. نظام النشر وفي هذه الأثناء أكد وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإعلام الداخلي والمتحدث الرسمي للوزارة الدكتور عبد الرحمن الهزاع أن لجانا في الوزارة تعمل على سرعة إنجاز نظام النشر الإلكتروني، مبينا أنه تم الانتهاء من مسودته تمهيدا لرفعه للجهات المختصة لاعتماده. وزاد الهزاع «نأمل بعد إقرار نظام النشر الإلكتروني أن نستطيع التعامل مع كل هذه المواقع بشكل جيد ومنظم، فنحن بحاجة ماسة إلى مرجعية نظامية للتعامل مع النشر الإلكتروني»، كاشفا عن تشكيل لجان من جهات متعددة لمتابعتها بعد إقرار النظام.