أمضى طرشي محمد الصغير 26 عاما مرشدا سياحيا في قرية رجال التراثية، فكل من يزور القرية التراثية لا بد أن يعرفه، وهو صاحب العبارة التي كتبها بالحجر على مدخل القرية لتكون شاهدة على دوره «رب همة أحيت أمة»، وقال عنه الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بعد أن طلب منه الجلوس إلى جواره أثناء تدشين وتأهيل قرية رجال التراثية قبل أشهر: «طرشي رمز سياحي تعلمنا منه الكثير وهو أعرف مني بأسرار هذه القرية الأثرية كما أنه الوجه السياحي البارز هنا». ولد الصغير في قرية رجال التابعة لمحافظة رجال ألمع في العام 1350ه، ومنها حصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة حسان بن ثابت. قضى نحو 20 عاما في التجارة مع والده، ومثلها في تجارة اللحف والتوابل والعطورات والأصباغ، ثم أصبح سائق تاكسي يتنقل من حدود اليمن إلى الطائف ومكة ل 20 عاما أخرى. ومع عودته إلى مسقط رأسه، بدأ في جمع التراث وحفظه وحراسته من العابثين، وقرر العمل على ترميم قصر مسمار التابع لآل علوان ويبلغ عمر القصر 476 عاما، وبعد الانتهاء من ترميم القصر انطلق في رحلة لترميم تسعة قصور أخرى في القرية أشهرها قصر حواض، وأثناء ترميمه للقصر عثر على ورقة كتب عليها «الحمد لله يعلم الواقف على هذا الخط والناظر إليه أن جابر محمد حواض وصل إليَ هو ووالده محمد بن حسن وعمه علي بن حسن وذكر أنه غرم أربعة قروش لوالده، أثبت ذلك من عند الكاتب ثم تم توزيعها من قرش ومن قرش إلا ربع ومن نصف قرش وكان ذلك عام 1186ه». بدأ الصغير عمله في الإرشاد السياحي في العام 1405ه وكان يعمل في قرية رجال دون مقابل، وكانت هناك ثلاثة مفاتيح للقرية في يد كل من محمد حسن غريب وعبد العزيز الراقدي وطرشي الصغير، وجميع هؤلاء يتواجدون بصورة دائمة في القرية، ويتولى أحدهم في حالة عدم تواجد الآخرين الشرح والتعريف بمحتويات المتحف الدائم للتراث الذي يحوي 2800 قطعة أثرية. ويتواجد الصغير بصورة يومية من الثامنة صباحا وحتى التاسعة مساء، مستقبلا السياح من أنحاء العالم. ومازال يتذكر الموقف الذي سجله سائح فرنسي حينما تبرع ب 500 ريال وطلب منه ترميم وعمارة بعض القصور التي سقطت. ومن المواقف الأخرى التي يحكيها الصغير، قيام سائح ياباني بدفع 240 ألف دولار لشراء قطعة أثرية مصنوعة من الفخار يزيد عمرها على مئات السنين، أما أكثر ما يلفت انتباه السياح بحسب المرشد فهو درع يطلق عليها «جوث» وتعود لأحد أبناء القرية الذي عرف بشجاعته وقوته وقدرته في الدخول إلى الصفوف الأمامية لإثارة الرعب في قلوب الأعداء. طرشي الصغير لديه من الأبناء ثمانية، أربعة أبناء ومثلهم من البنات، ويطمح في تربيتهم التربية الصالحة.