في مقال سابق في شهر شوال 1430 سبتمر2009م تحدثت عن تجربتي الأولى مع الفيس بوك، هذه الوسيلة الإلكترونية الرهيبة للتواصل، والتي تفتح لك آفاقا متعددة مع الآخرين للتعرف على ما لديهم، وشرح وإيضاح ما تود أن توصله إليهم. أوضحت في مقالي السابق أن مستخدم الفيس بوك هو سيد نفسه، والمتحكم في كل ما يود نشره من كتابات على حائطه، أو صور شخصية أو عامة على صفحته، وغير ذلك كثير... اليوم، وبعد أن أمضيت عدة أشهر مستخدما الفيس بوك، لا أنكر أنني استفدت منه، وجددت التعارف والتواصل مع العديد من الزملاء والأصدقاء وغيرهم في مجال المهنة وخارجها، كما كسبت صداقات جديدة مع آخرين أعتز بصداقتهم. أجبت على تساؤلات عديدة، وأثرت مثلها ووصلتني ردود ورسائل وتعليقات تراوحت بين السلب والإيجاب. سارت الأمور في بدايتها مسارا طبيعيا، وكانت تخفى عليّ الكثير من آليات ووسائل التعامل مع الفيس بوك والتي سبقني إليها المستخدمون القدماء والمحترفون، وكنت أرجح حسن النية والصدق في التعامل مع كل ما يصلني ومع كل من يطلب صداقتي، ولكن مع استمرار التواصل، وإضافة المزيد من الأصدقاء الذين أصبح عددهم بالآلاف، واتساع دائرة الخبرة تكشفت لي أشياء وأشياء. وجدت هناك أناس يستغلون الفيس بوك، وسهولة التواصل مع الجنسين في إرسال رسائل وصور تخرج عن الأخلاقيات والآداب العامة؛ حتى أن بعضهم يتمادى ويكتب على حائطه أو في ردوده ومداخلاته عبارات وحوارات مخجلة بكل معنى الكلمة. الكثير يدخل بأسماء مستعارة أو ألقاب عامة، ويطلب إضافته إلى قائمة الأصدقاء لديك، وبما أنك لا تعرفه من قبل، وبحس النية تقبل صداقته لتكتشف في نهاية الأمر أن لديه توجهات غير أخلاقية، أو أن جنسه يختلف عما سبق وتعامل به معك من قبل. لماذا هذا الخداع، ولماذا هذه البذاءة في التعامل مع الآخرين؟. إننا بهذه السلوكيات نقدم صورة سلبية لمجتمعنا الذي نعيش فيه، ونزرع الشوك في طريق شبابنا وأجيالنا القادمة. صحيح أن الاستخدام السيئ للفيس بوك من قبل بعض المستخدمين موجود لدى كافة الأجناس عربية وغير عربية، ولكن دعونا نختلف عنهم ونقدم، نحن أبناء المملكة، نموذجا رائعا ومثاليا للآخرين ونثبت لهم أن ديننا ومجتمعنا وأخلاقياتنا وتقاليدنا لا تسمح لنا أن نكون غير أخلاقيين في تعاملاتنا مع الآخرين. تحية شكر وتقدير أقدمها للكثيرين من أبناء هذا الوطن من فرسان الفيس بوك الذين وجدت في متابعاتهم وكتاباتهم الشعرية والنثرية ورسائلهم ما يثلج الصدر ويرفع الرأس. تراهم ينبرون عند كل مناسبة، وبعد كل حدث؛ ليضعوا الأمور في نصابها، ويوضحوا الحقيقة دون تدليس. تحية أيضا لمن استخدم هذه الوسيلة في التواصل الرفيع مع الآخرين وكسب معارف وصداقات جديدة مع أناس يفخر الإنسان بالتعرف عليهم. أعرف أن التغيير صعب، والتأثير ليس باليسير على شرائح كثيرة من شبابنا ممن أدمن الفيس بوك، ولكن دعونا نتعاون ونعمل على ثقافة من نوع راق في تعاملاتنا مع الآخرين تقوم على الصدق، والاهتمام بكل ما يجسد الأخلاقيات والمنهج القويم بين أفراد مجتمعنا.. وما ذلك على الله بعزيز. [email protected]