ذكر وزير الشؤون الاجتماعية في كلامه المنشور في («عكاظ» 5/6/1431) أن «وزارة الشؤون الاجتماعية تصرف شهريا ما يقارب 930 مليون ريال على نحو 690 ألف مستفيد». مثل هذه التعبيرات العامة لا تفيد شيئا، ولا تشبع فضول القارئ المتطلع إلى معرفة ما تبذله الوزارة من جهود في خدمة المجتمع. فهذا المبلغ الكبير الذي تفخر الوزارة بإنفاقه على مستفيدي الضمان، هو في حد ذاته، مهما ضخم حجمه، لا يبين إن كان يغطي حاجة جميع المحتاجين في المجتمع إلى خدمات الضمان، أم أنه يقتصر على أولئك المحظوظين الذين سجلت أسماؤهم في قوائمه؟ وهو كذلك لا يبين كم هو نصيب الفرد من هذه المنحة؟ حتى وإن قسمنا المبلغ المذكور على أعداد المستفيدين المشار إليهم في عبارة الوزير السابقة، فالمستفيد غالبا لا ينفق المال على نفسه وحدها وقد يكون معه من المعالين القصر من يشاركه في ذلك؟ لذا، فإن العبارة لا تفيد إن كان ما يصرفه الضمان يفي بسد الاحتياجات الضرورية لكل فرد من أولئك المعتمدين كليا على الضمان؟ أحسب أن وزارة الشؤون الاجتماعية لها دور فاعل ومؤثر في معالجة قضية الفقر، أكبر من أن تكون مجرد بنك يصرف معونات مادية لمن يخدمهم حظهم فتسجل أسماؤهم في قوائمه. أين مشاريع الوزارة في معالجة مشكلة الفقر الذي يكاد يفترس كثيرين بسبب البطالة وتعذر الحصول على عمل؟ إن كان ثمة مشاريع فلم لا تظهر ليراها الناس، لا ليمجدوا الوزارة ويثنوا على جهودها، وإنما ليعرف الفقير والعاطل المحتاج إلى العمل ما تقدمه الوزارة من فرص عليه أن يطرقها لحل مشكلته. إن الاكتفاء بصرف المال للمسجلة أسماؤهم في الضمان لا يحل مشكلة الفقر، وربما أسهم في استهلاك المال ودعم الاتكالية متى كان الصرف لأفراد غير عاجزين عن العمل. كما يحدث عند إدراج (المطلقات والأرامل) ضمن مستحقي الضمان، حتى وإن كن شابات وقادرات على العمل، فهن يعاملن تماما كالعاجزين من الشيوخ والمقعدين والزمنى، وكان بالإمكان فعل ما هو غير ذلك، مثل تخصيص مكاتب لتدريبهن وتأهيلهن وإعانتهن على الالتحاق بعمل، سواء أكان وظيفة أو مشروعا صغيرا أو غير ذلك. فالطلاق أو الترمل لا يعني الإصابة بعجز عن العمل والإنتاج، وكل ما تحتاج إليه أولئك النسوة يد تعينهن على الحصول على التدريب اللازم وشق الطريق نحو العمل. وأظن الوزارة يرفع رأسها أن تتباهى بكثرة من أعانتهم على الاستقلال في حياتهم والاعتماد على أنفسهم في كسب الرزق، أكثر من سرد أعداد من توزع عليهم الصدقات من أموال هي في الأصل مخصصة لهذا الغرض ولا فضل لها فيها.