نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، في حضور صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية، وذلك في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في الرياض البارحة الأولى. وأكد «إننا في هذه المرحلة الاستثنائية من عمر بلادنا، وفي خضم هذه التنمية الكبيرة، ننظر بشكل خاص إلى تراثنا على أنه جزء لا يتجزأ من الاستعداد للمستقبل ودافع لحركة التحديث المتسارعة التي تمر بها البلاد، وإن تطور مواقع هذا التراث وإعادة الحياة لها في أواسط المدن والقرى التراثية وغيرها من المواقع المهمة، هو جزء من تحقيق المعادلة، التي طالما التزمت بها قيادة وشعب هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك الراحل عبدالعزيز طيب الله ثراه، وهي معادلة التحديث والتطوير المستمر مع التمسك بالقيم الإسلامية والتراث العربي الأصيل. وشاهد الحضور عرضا تعريفيا مصورا عن مواقع التراث العمراني في الدول الإسلامية، وأهمية هذه المواقع وما لها من أبعاد ثقافية واقتصادية تعكس مدى عمق الثقافة الإسلامية وتجذرها وتأثيرها في التراث الإنساني بشكل عام. وقال: إن المؤتمر يأتي للتركيز على التراث العمراني الذي من شأنه إبراز دوره في التنمية العمرانية والاقتصادية والسياحية. وأشار إلى أن المؤتمر استكمال لمسيرة المملكة نحو المبادرات التي تدعو إلى الاهتمام بالتراث العمراني، مبينا أن «التراث العمراني الإسلامي العظيم يمثل رمزا لتفوق الحضارة الإسلامية وعناية المسلمين بعلوم العمران، ودليلا على تقدمهم المعرفي والعلمي، وشاهدا حيا على تميزهم في مجالات الفنون والحضارة، والعناية بالتراث العمراني في بلادنا بتنمية اقتصادية وبشرية متسارعة الخطا، في ظل العولمة وتقاطع الحراك الحضاري والثقافي». وأوضح أن المملكة تنظر لهذا المؤتمر كمبادرة لتركيز الاهتمام على قضية التراث العمراني العريق في الدول الإسلامية، وإبراز دور ذلك التراث العظيم في التنمية الثقافية والاقتصادية، كرافد مهم من روافد التنمية والتحديث، ومصدر اعتزاز متجدد. وعن أهمية مضامين المؤتمر ومنطلقاته الحية، قال: «أصبح من المهم لنا كمسلمين المساهمة في صنع المستقبل، منطلقين من قاعدة صلبة، عناصرها الفهم العميق لتراثنا الذي يمثل منظومة من القيم النبيلة والتراث المادي واللامادي الغني، وتأكيد دور البعد الحضاري في تطورنا المستقبلي، وما إحياء مواقع التراث العمراني وجعلها متاحة للمواطن والزائر، وتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية، وتمكين المجتمعات المحلية من استثمارها والمحافظة عليها إلا مساهمة مهمة في ذلك». وتابع «هنا في المملكة، تقوم الدولة متضامنة مع المواطنين والقطاع الخاص بعمل دؤوب وشامل للعناية بالبعد الحضاري لبلادنا، وخاصة التراث العمراني الإسلامي والوطني، متزامنا ذلك مع نهضة تنموية علمية واقتصادية كبيرة يقودها ملك مخلص يساعده ولي عهده الأمين، وشعب شغوف بتراثه وفخور بتاريخه العظيم». وتطلع لأن تسهم نتائج وتوصيات المؤتمر، في المحافظة على التراث العمراني، وتنميته بما يعود بالنفع على المملكة ومجتمعها الخير، وأن تكون توصيات المؤتمر طموحة وعملية وواقعية، وأن يتم تطبيقها ومتابعتها في جميع الدول الإسلامية بشكل جدي. ووجه الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز شكره وتقديره لقيادة وحكومة وشعب المملكة لاحتضان هذه المناسبة التاريخية المهمة، ولجميع المشاركين ورعاة المؤتمر الذين أسهموا في انعقاد هذا التجمع. و ألقى مدير مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية «أريسكا» الدكتور خالد إرن كلمة نوه فيها بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دعم الأنشطة الثقافية والتراثية في جميع دول العالم الإسلامي، ودعم كل ما من شأنه الاهتمام بالتراث الإسلامي، والتركيز عليه كواجهة تعكس مسيرة الأمة الإسلامية عبر العصور. وقال: «إن مركز أريسكا حظي بتقدير ودعم خادم الحرمين الشريفين، كما نتذكر بامتنان تشجيعه لنا خلال زيارته إلى مقر المنظمة في تركيا». ونوهت المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة ( اليونيسكو ) إيرينا بوكوفا في كلمة ألقاها نيابة عنها مدير مركز التراث العالمي بالمنظمة فرنشيسكو باندارين، بدور المملكة الريادي في إحداث التغيير الإيجابي نحو التراث العالمي والتراث الإسلامي على وجه الخصوص، مشيرة إلى ما يحمله التراث الإسلامي من مرايا تعكس مكانة الحضارة الإسلامية وتأثيرها في صياغة التراث المعماري العالمي. وشدد على أهمية مثل هذه المبادرات التي تعكس الاهتمام بالتراث العمراني، ودعا الدول إلى الالتفات إلى تراثها العمراني للسعي نحو مستقبل ثقافي واقتصادي أفضل.