أكد ل «عكاظ» الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية السعودية للسياحة والفندقة والتدريب والتأهيل في قرية مرسال وعضو مجلس منطقة مكةالمكرمة هيثم عبد القادر نصير، أنه يبحث عن المتدربين لصناعة سياحة سعودية بأيد وطنية، وبين أن وزارة العمل قلصت التأشيرات للاعتماد على الشباب السعوديين وإحلالهم في الوظائف، لافتا إلى أن هذا التوجه لا يعني المغامرة أو التعجيز بل هو استثمار حقيقي في ابن الوطن. وأضاف «الخدمة الاجتماعية مسؤولية كل مستثمر لدعم عجلة التنمية، إذ أن الدولة تكلفت ب 75 في المائة للتدريب وتوظيف الشباب في القطاع الخاص من خلال برامج صندوق الموارد البشرية، وعلى رجال الأعمال تحمل جزء بسيط 25 في المائة للقضاء على بطالة الشباب وتأهيلهم للعمل». واعترف بأنه رفض توظيف الشباب خوفا من فشل مشاريعه السياحية، لكنه غير مفاهيم بإنشاء أكاديمية متخصصة في السياحة والفندقة والترفيه، للمساهمة في القضاء على البطالة «نسبة السعودة في السابق كانت 1 في المائة والآن وصلت 44 في المائة وهدفنا خلال الثلاث السنوات المقبلة سعودة 80 في المائة».فإلى مضابط الحوار: • كيف بدأت فكرة مشروع الأكاديمية؟ الفكرة اجتماعية غرضها التدريب، دون النظر في الأمور الربحية، وكان طموحي تدريب وتأهيل وتوظيف الشباب، لإنهاء مشكلة التأشيرات التي عانينا منها كثيرا لاسيما بعد أن ضيقت حلقة الاستقدام على المنشآت، وعدم تمكين المستثمر من الحصول على الأعداد الكافية التي يحتاجها، بهدف القضاء على بطالة الشباب السعوديين وإتاحة الدور لهم. معاناة المستجدين • هل تعني بذلك أن تقليص تأشيرات الاستقدام هو السبب الرئيس؟ واجهنا صعوبات في هذا الجانب، مثلما واجهنا صعوبات في استقطاب الشباب السعوديين للعمل في مهنة السياحة والفندقة كونهم غير مدربين، ومكتب العمل يرسل لنا أعدادا محددة لتوظيفهم، ولا نستطع تلبية طلباتهم لأن مهنة الفندقة مبنية على الخدمة وإذا لم تكن متوفرة تنجم عن ذلك خسائر فادحة، العملية مرتبطة بأسلوب الخدمة التي لا تتوفر في الشباب المستجدين على العمل وليسوا بالمستوى المأمول في صناعة السياحة والفندقة، وعانيت كثيرا من هذا الأمر. • وكيف انطلقت في مشروع الأكاديمية؟ بدأت فكرة المشروع منذ عدة سنوات كوننا نملك مشروعا سياحيا ترفيهيا فندقيا في المنطقة «قرية مرسال السياحية» التي تحتوي على جميع عناصر الفندقة (المطبخ، المطعم والاستقبال والترفيه)، وكانت مجرد حلم يراودني عندما أشاهد شباب الوطن بدون عمل، ورجال الأعمال يعتمدون على استقدام العمالة الأجنبية لتلك المهن بحجة أنهم يجيدون العمل فيها باقتدار ومدربون ومؤهلون لها دون وضع حلول للقضاء على الاستقدام وتطبيق قاعدة الإحلال. ألم الرفض والتوازن • ألم تشعر بالألم وأنت ترفض توظيف شاب سعودي؟ شعرت فعلا بالألم، ولم أستمر في الرفض بل بحثت عن سبل عدة تحقق التوازن، إذ أن نسبة السعودة في السابق لدينا كانت 1 في المائة والآن وصلت إلى 44 في المائة بعد دخولنا في التدريب رغم أن النسبة المطلوبة منا 30 في المائة، وخلال الثلاث السنوات المقبلة سنحقق سعودة 80 في المائة. • هل يعني التدريب بداية تغيير مفهومك تجاه الشباب؟ مكثت فترة طويلة أقيم الوضع في مجالات السياحة والفندقة، وفكرة تدريب وتأهيل الشباب في هذا المجال تراودني خصوصا أن لدي مقومات لا تتوفر عند الغير في التدريب الذي يتطلب معامل عملية ومطابخ ومطاعم ومكاتب استقبال، وليس التدريب فصولا ومعامل كمبيوتر، وجدت أنني بحاجة لتدريب عملي حقيقي للشباب مع الجمهور. مجال الترفيه العالمي • وما هي خطوتك الأولى؟ عرضت خطتي على أمين عام الهيئة العامة للسياحة والآثار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز وأعجب بفكرة إنشاء أكاديمية للتدريب في مجال السياحة والفندقة، وطلب إضافة مجال الترفيه العالمي على طريقة «التيم بارك»، وطلبت ترخيصا بذلك، وبادر في اللحظة بالاتصال على محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني، ووجد استجابة منه وترحيبا ودعما للمشروع، لأن الأمين يعلم أن المنطقة تحتاج أكثر من 100 مشروع في مجال السياحة والفندقة وشباب مؤهلين للعمل فيها. وهل حصلت على الترخيص؟ الترخيص يبدأ من الهيئة بعد التأكد من اكتمال عناصر السياحة في المنشأة، وأننا مؤهلون لتنفيذ المشروع الذي تحتاجه السوق السعودية، التقيت المحافظ، وطلب مني البدء في العمل، وأصدر الترخيص المبدئي من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني. • هل كان ذلك من خلال زيارات فقط؟ عقدنا اجتماعات في الهيئة، ونفذنا زيارة لاستراليا استغرقت ثلاثة أسابيع للاطلاع على تجربتها، وزرت 12 معهدا وكلية في مجال السياحة والفنادق، ثم اتجهنا إلى سويسرا وتونس وبعض الدول العربية ثم تجولنا في أمريكا وكندا خلال ثلاثة أشهر، واطلعت على خبرات هذه الدول وعملت دراسة ميدانية. المناهج والنظام المهني • ماذا أسفرت عنه زياراتكم؟ بعد عودتنا بدأنا في إنشاء أكاديمية متكاملة من معامل تدريب عملية ونظرية للفندقة والسياحة والترفيه، جهزت على مستوى عال، ثم تقدمنا وحصلنا على الترخيص النهائي، وصممت المناهج والبرامج بعد زيارة الدول الأوروبية والعربية التي اعتمدت على النظام المهني البحت، وهذا ما ساعدنا على التدريب بأصوله، وقدمت للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني وأقرت بعد مراجعتها واطلاعهم على خططنا. تحديات المجتمع • كيف كانت البداية في الأكاديمية؟ بدأنا العام الماضي ب 35 طالبا في جميع المجالات في السياحة والفندقة، وواجهنا صعوبات كون البلد يحتاج هذا النشاط والشباب لم يعتادوا على الخدمة الفندقية (طباخ، سفرجي، موظف استقبال، وغير هم) ويعتبرونها نوعا من العيب، وكان أكبر التحديات إقبال الوافدين على المهنة ورفض السعودي لها، والمشكلة الاجتماعية عدم تقبل المجتمع للمهنة، تلك ظاهر قديمة، الدول المجاورة تخطتها منذ 30 عاما، بل كانوا يرفضون تزويج السفرجي أو الطباخ، والآن أصبحت مهنة عادية. البعد عن الجمهور • هل كان هناك تسرب من الطلاب بعد بدء الدراسة؟ في أول عام واجهنا مشكلة إقناع الشباب في الدخول لبرامج التدريب، إذ بدأنا ب 75 طالبا وتسرب منهم نحو 40 طالبا والسبب عدم تقبل المهنة كما ذكرت، وزعوا في المواقع (12 في المطبخ و14 في الاستقبال و10 في السياحة و4 في المطعم) وبعضهم لا يريد مقابلة الجمهور أثناء تقديم الخدمة. شباب في المطبخ • هل استمرت ظاهرة التسرب؟ اليوم لدينا 200 شاب في المطعم والمطبخ والاستقبال، يمارسون المهنة من أول يوم تدريب لأن البرنامج صمم على هذا الأساس لترغيبهم وكسر حاجز العيب والخوف وتجاوز التحدي بالتشجيع والتدريب العملي الذي حدد 55 في المائة والنظري 45 في المائة بواقع 8 ساعات يوميا. الجمع بين التدريب والممارسة • هل تجاوز الشباب حاجز العيب؟ نعم.. التدريب العملي لدينا نوعان، داخل الأكاديمية ومع الجمهور، وهذه ميزة داخل منتجع سياحي، حقق النجاح بعد التطبيق، ولو كانت الأكاديمية في أفضل موقع وأروع شارع لن يكتب لها النجاح، ما لم تكن داخل منشأة سياحية تجمع بين التدريب العملي والممارسة في موقع الخدمة لكسر الحواجز التي كانت تواجه الشباب. • كيف يتم استقطاب الشباب وهل تتقاضون رسوما منهم مباشرة؟ الاستقطاب يتم عن طريق صندوق الموارد البشرية في برنامج التدريب المنتهي بالتوظيف، وهذا تدعيم للشباب في التدريب والتوظيف، حيث تكفل ب 75 في المائة من قيمة التدريب من 24 إلى 26 ألفا حسب البرنامج، والصندوق لديه جهاز كبير وضخم جدا، وفر قاعدة بيانات للشباب الراغبين في العمل، وسهل على أصحاب المنشآت اختيار الشباب حسب تصنيفات (العمر، المدينة، الحالة الاجتماعية)، واستفدنا من تلك القاعدة لاستقطاب الشباب للدخول للأكاديمية للتدريب، كما استفدنا من قاعدة بيانات مكتب العمل والعمال في المنطقة. • ولكن هناك برامج أخرى ألم يستفد منها المتدربون؟ صندوق الموارد البشرية استحدث برنامج «ماهر» لدعم التخصصات المطلوبة في سوق العمل، لا سيما التي تواجه عزوف الشباب، وتحمل الصندوق تكلفة التدريب بالكامل في مجال السياحة والفندقة، ودعمها بنسبة 100 في المائة بهدف تشجيع الشباب واستثمارهم بالشكل المطلوب. استجابة وزير العمل • هل اكتفى دعم وزارة العمل بهذا الحد؟ عندما بدأنا التعاون مع الصندوق في استقطاب الشباب وتدريبهم بعث لي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي خطاب شكر وطلبت لحظتها مقابلته وزرته في اليوم التالي وعرضت عليه خطوات العمل في الأكاديمية والتدريب والتوظيف ومخطط توسيعها، وقدم لي دعما غير عادي. التوصية ودخول المغامرة • ما هو الدعم الذي قدمه الوزير؟ قال لي لا أريدك أن تفقد حماسك، هذه خدمة اجتماعية واستثمار في ابن الوطن كون مجالك الأساسي سياحة وفندقة ومشروعك الحالي تدريب الشباب وتوظيفهم ودخول مغامرة كبيرة لتدريب الشباب وتأهيلهم، ولا أنكر أن البعض قد لا يدخل المغامرة ويريد مشروعا يستقطب له عمالا بأسعار زهيدة بدلا من توظيف السعوديين. أبلغني الوزير أن الدولة ترحب بمثل هذا العمل والتوجه نحو التعليم التدريب، وكتب الوزير إلى الملك توصية شرح فيها خططنا نحو تدريب الشباب وجاءت الموافقة على تقديم الدعم وعمدت وزارة المالية بذلك لتقديم قرض وتسهيلات للأكاديمية. توجيهات الملك وولي العهد • وكيف وجدت دعم القيادة للمنشآت السياحية؟ الدعم لم يقتصر على منحي التمويل فقط، بل تشرفنا بزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد قبل عدة سنوات، واطلعا خلالها على سير العمل في قرية مرسال، وكانت دعما آخر للمنشآت السياحية، استمعنا إلى توجيهاتهما ونظرتهما المستقبلية، إذ حثنا الملك على فتح باب التوظيف ودعم المتقاعدين المدنيين والعسكريين واستقطابهم للعمل في هذا المجال والاستفادة من خبراتهم، وكانت نظرتهما ثاقبة ولها أبعاد كبيرة، أعطتنا دفعة للانطلاق، وكان تأكيدهما على أن كل مستثمر في مجال السياحة أو غيرها تدعمه الدولة لأنه يدعم التنمية في الوطن. التحول إلى كلية • ما هي خططكم المقبلة؟ سوف نرفع عدد المتدربين إلى 500 طالب في السياحة، وندرس حاليا خرائط توسعة الأكاديمية وتحويلها إلى كلية تمنح درجة البكالوريوس، حيث أن المتدرب يدرس عامين ويحصل على دبلوم مصدق من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني، وهناك برامج تأهيلية لمدة عام. • اللغة الإنجليزية أساس في التعامل السياحي هل تدرس؟ اعتبرت اللغة في البداية متطلبا، ثم كثفت لأن المهنة تتطلب ذلك كونها أساس التعامل مع الشرائح المختلفة ممن يرتادون الفنادق والمطاعم والمواقع السياحية، وأصبح المتدرب يدرس 400 ساعة في اللغة الإنجليزية في الفصل الواحد. نصيب المرأة من التوظيف • هل للمرأة نصيب من التدريب والتوظيف؟ في الوقت الحالي لم ندرج أي برامج نسائية، وستتاح للمرأة فرصة أكبر في جميع مجالات صناعة السياحة، ووضعنا ذلك ضمن الخطط المستقبلية. • المهنة تتطلب مواصفات في الموظف هل توفرت في المتدربين؟ المتدرب عند بداية تدريبه نجده بسلوكيات مختلفة تماما، وبعد مضي ثلاثة أو أربعة أشهر يبدأ التغيير في المظهر واللبس والتعامل وينتهي بالسلوكيات التي نطلب توافرها في الخدمة السياحية، وأذكر أن متدربا دخل الأكاديمية لا يجيد لبس البنطال وشعره طويل ولا يعتنى بالمظهر العام، والآن نجده إنسانا آخر يجيد اللبس ومهذب في التعامل كما يجيد أصول الخدمة وجذب العملاء. الفندقة سلوكيات وأخلاق وخدمة لها أصول، الشخص في هذه المهنة يرتقي بسلوكيات التعامل، ونحن نفتقد هذا في الشباب السعودي لعدم إلمامه بأبجديات العمل في مهنة تتطلب سلوكيات وتعاملا مختلفا عن بقية المهن، لذلك التدريب عنصر أساس في مجالات السياحة والفندقة. • هل تحقق الحلم من إنشاء الأكاديمية؟ حلم تحقق ولله الحمد، يكفي أن الشاب ضمن الوظيفة بعد التدريب وأصبحت السوق السعودية تبحث عنه وتريده في العمل، الآن وصلتنا طلبات من منشآت سياحية ومطاعم وفنادق وتعاقدنا مع وكالات مشغلة لمواقع سياحية ترغب قي تدريب وتأهيل العاملين لديهم داخل الأكاديمية، وبهذه الطريقة شاركوا في المسؤولية الاجتماعية لتوظيف الشباب بعد تدريبهم. ممثل في مكتب العمل • هل الحاجة ما زالت ملحة لبقاء العمالة الأجنبية لديك؟ الخبرات الدولية مهمة للعمل لدينا لتنمية الشباب السعودي، وما تحقق من نسب السعودة اعتبره إنجازا، وعكس ما حدث في الماضي من رفض، الآن نبحث عن الشباب لتوظيفهم، وخصص ممثل لمجموعتنا في مكتب العمل، حيث وفروا مواقع للشركات والمؤسسات لإجراء مقابلات مع الشباب لتوظيفهم وتدريبهم. • وهل تنصح رجال الأعمال بافتتاح معاهد وكليات للتدريب؟ السوق السعودية تستوعب مئات الكليات والأكاديميات والمعاهد للتدريب والتدريس في مجالات السياحة والفندقة والترفيه، ولو أخذت عينة المشاريع التي تقام حاليا في مكةالمكرمة حول الحرم مشروع (الشامية، جبل عمر، جبل خندمة) ستجدها عمائر سكنية فندقية، متطلبات الزائر أصبحت مختلفة عما كانت عليه في السابق، لأنها أساس في استقبال الحاج والمعتمر في سوق يفتقر الخدمة الفندقية في الموارد البشرية، ولا بد من تدريب الشباب لمواكبة الطلب. تعاون الغرفة الصناعية • وماذا عن تعاون الغرفة التجارية الصناعية في جدة؟ الغرفة لديها قسم خاص بالتدريب ودعم وظائف الشباب السعودي وتطور قطاع التدريب، وعملت آلية مشاركة بين الغرفة وبعض القطاعات وتم ربطها مع مكتب العمل، وساعدتنا في استقطابنا بعض الشباب، وفتحت لنا القاعات في الغرفة لإجراء المقابلات ودورها فعال. واجبات رجال الأعمال • ما المطلوب من رجل الأعمال تجاه الشباب؟ أي نشاط هو ربح وخسارة، ولكن رجال الأعمال معنيون بالنهوض بالمسؤولية الاجتماعية، والمفروض أن يكونوا جزءا من التدريب والتوظيف، والمنشآت السياحية في جدة كثيرة، ولو كل منشأه فكرت في تحمل 25 في المائة من تكلفة التدريب والتوظيف مع دعم الدولة ممثلة في صندوق الموارد البشرية ب 75 في المائة من التكلفة الإجمالية نكون بذلك قد وصلنا إلى تأهيل وسعودة كاملة، ولا بد أن يعطى الأمر جدية لتحقيق أهداف صناعة السياحة السعودية بأيد وطنية. • ما الذي ينتظره المستثمر من هيئة السياحة والآثار؟ معوقات المهنة مجالها مختلف، 70 في المائة من الإيراد في الأعياد والمواسم وهذه مرهقة، عكس المجالات النشطة على مدار العام، الهيئة العليا للسياحة والآثار لها دور بارز، وأصبحت لدينا مواسم وإجازات متعددة ساهمت في تشغيل المواقع السياحية، ولو فتحت تأشيرات الزيارة سوف تنشط حركة السياحة بشكل أكبر.