يهرب المتزوجون -أحيانا- من رتم الحياة الممل إلى الحياة المتحررة من قيود المنزل والزوجة والأولاد في استراحات بعيدة، لاستعادة ولو يوم واحد من أيام العزوبية التي عاشوها بحلوها ومرها قبل زواجهم وارتبطت بذاكرتهم ليعودوا إلى ممارسة الأعمال المنزلية من إعداد للطعام والكنس والغسيل حتى يكتمل شعورهم بعودتهم الحقيقية لأيام العزوبية. عودة العزوبية «عكاظ» زارت إحدى الاستراحات التي تعتبر ملاذا للمتزوجين الهاربين من حياة الزوجية والعائدين بكل قوة إلى حياة العزوبية، والتقت بهم واستمعت لحكاياتهم . محمد عسيري (38) عاما، موظف ورب أسرة مكونة من زوجة وأربع بنات يقول: نحن مجموعة من المتزوجين تجمعنا الصداقة، بنينا هذه الاستراحة بمجهودات ذاتية، فنحن من صممها وأشرف على بنائها وتجهيزها لتكون كما نريد واجتماعنا في هذه الاستراحة لا يمثل هروبا من واقع الزواج، وإنما عودة للأيام الخوالي التي قضيناها قبل أن نتزوج، حيث إن الهدف الحقيقي من هذه الاجتماعات هو لقاء الأصدقاء والاعتماد على أنفسنا في إعداد الطعام، والحقيقة أننا نكتشف مواهبنا في هذه الاستراحة ونتعلم من بعضنا البعض كيفية إعداد الوجبات وتحضير الأطباق الشهية. مبدعون في المطبخ يذكر عبد الرحمن الشهري، أن الشباب يكتشفون مواهبهم في الطبخ من خلال العمل في مطبخ الاستراحة وإعداد الأكلات الشعبية التي لم يكونوا يعرفون كيفية إعدادها مسبقا. ويضيف: من خلال مطبخ الاستراحة نتنافس في تقديم أفضل طبق والذي لم يدخل المطبخ من قبل طيلة حياته يدخله في هذه الاستراحة، ولو لإعداد الشاي على أقل تقدير. ويؤكد الشهري أن الشباب مبدعون في المطبخ ويقدمون أعمالا منزلية رائعة تتحدى طبخ ربات المنازل، ولهذا يصبح للاجتماع في الاستراحة طعم آخر ونكهة من نوع خاص. كبسة وحنيذ محمد الشهراني 36 عاما، يؤكد أن اجتماعهم في الاستراحة يمثل نوعا من أنواع التآلف والمحبة وتمضية أوقات ممتعة مع بعضهم البعض بعيدا عن أجواء المنازل أو العمل، ويعتبرون هذه الأوقات هي الأوقات التي يرفهون فيها عن أنفسهم وأهمها الطبخ، حتى أننا نتفنن فيه وإن كان يتفوق علينا في هذا المجال أحد الأصدقاء الذي اتفقنا على تسميته (ملك الكبسة) لإبداعه في إعداد مختلف الوجبات الشعبية وغيرها، ولكن الوجبة التي تتربع على هرم إبداعات صاحبنا هي (الكبسة) تليها (الحنيذ)، إضافة لوجبات أخرى متميزة تضفي أجواء ماتعة على جو الاستراحة الترفيهي. أوقات بلا حدود ويذكر عبد الله عبود من خلال تجربته، أن المتزوجين يقضون في هذه الاستراحات والشقق ساعات طويلة تتراوح بين أربع إلى ثماني ساعات، تتخللها العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية ومتابعة التلفاز وأحاديث السمر المتنوعة. إشعال النار أما سعيد القحطاني أحد أعضاء الاستراحة، فيرى أن أكثر ما يكمل متعتهم هو إشعال النار وإعداد القهوة العربية على وهج الجمر الهادئ، مشيرا إلى أن الاستراحة مخصصة لإيقاد النار بموقد مبني بطريقة فنية تغني عن استخدام آلات التدفئة الحديثة وتضفي جوا رائعا على الجلسة في الاستراحة.