لرواد ومبدعي الأمس عطاءات خلاقة ظلت وستظل تحافظ على مواقعها في سماء الإبداع، وتفرض تميزها وتفردها وإعجاز إنجازاتها في برهان ورهان صريحين وصارخين يحملان في فحواهما ما يؤكد بأن هذا الإبداع الذي تميزت به أعمال رموز الأمس ونجومه هو محصلة لما كان يسكنهم من مواهب مبهرة ومطبوعة، وأصيلة ومتأصلة وهو ما منح أعمالهم هذا التفرد والقيمة والديمومة لزمن وأزمان بعد رحيلهم. كلما عدت بالذاكرة أو عادت بك إلى أي قيمة إبداعية من نتاج رواد الأمس في أي مجال من المجالات التي لا يمكن الوصول فيها إلى مواطن الإبداع إلا من خلال توفر الموهبة الصادقة والرفيعة والمتعمقة، ستدرك مدى حقيقة أن أي محاولة لتحقيق حتى مجرد خيال من النجومية لمن يفتقر لهذا المرتكز الأساس، لا تعد وهما فحسب، بل هي أيضا زيف ومغالطة مهما عززت به من الإمكانات المادية والتقنية.. إلخ. ولو كانت الإمكانات بكل أنواعها وتنوعها وتطورها كفيلة بتعويض قصور الموهبة أو ضعفها في أحسن الأحوال وتقديم ما هو نوعي ولا أقول إبداعي، لظفر هذا الزمن بنصيب الأسد من العطاءات والأعمال الرائدة والهادفة، وما وجدت مع طل طيف من فنون وإبداعات الأمس. وقد كان هناك من رموز ورواد ومبدعي الأمس من حباهم الله بفيض من المواهب والملكات المتعددة والمتميزة بنفس القدر والجودة، وعلى سبيل المثال من ينسى أو يتناسى الأستاذ القدير والموهوب المبدع خالد زارع فهو من مؤسسي الإذاعة السعودية ومن أوائل المعدين والمقدمين لبرامجها ونشراتها الإخبارية وعلى قدر كبير من التميز والتمكن كمذيع وشاعر ومؤلف وممثل، ولا حصر لنجاحاته وإنجازاته، لكن ما يستوجب علينا تكرار الرجاء لتلفزيوننا في معاودة عرض حلقاته هو البرنامج الموسوعي الوطني «ربوع بلادي» الذي كتبه وقدمه هذا المبدع الشامل مسخرا جل جهده وعشقه لفنه ورسالته ومتفانيا في تجسيد أروع صور الحب والولاء والانتماء للوطن بكل ربوعه وجهاته، فمن ذا الذي استطاع أو يستطيع أن يقدم لنا ما قدمه الزخم الفني المبدع خالد زارع؟ لكن من له مثل أخلاقه وإخلاصه وبصماته لن ينسى، ومن يرى ذلك الخلق الرفيع في أبنائه همام وريهام وخزام ردد: «من شابه أباه ما ظلم»؟. والله من وراء القصد. تأمل: الكبار قيمة وقامة تجسد أفعالهم معنى من تواضع لله رفعه. * كاتب وناقد فني